رمضان فى العراق يزخر بموروث شعبي متجذر تجذر حضارة بلاد الرافدين حيث لازال بعض موروث العراقيين القديم فى رمضان حيا فى الذاكرة والممارسة فيما اندثر البعض تحت وطأة التطور الزمني وتعاقب الاحداث فى حين حلت عادات جديدة لتواكب مستجدات العصر.
ويأتي على رأس الموروث القديم الجديد :
هلال السوق: وهو الذي لم يتغير ولم يتبدّل ولم يطرأ عليه جديد، فقد اعتاد الناس على استقبال هلال رمضان في الأسواق قبل ظهوره في السماء، إذ ليس من الصعب التعرف على أن الشهر الفضيل بات على الأبواب، حيث التركيز على أنواع محددة من المواد الغذائية.
استقبال رمضان.
مع الانتشار الهائل لوسائل الاتصال ووسائل الاعلام لم يعد العراقيون يهتمون كثيراً برؤية الهلال في آخر أيام شهر شعبان، فهناك جهات دينية تتولى إعلان ذلك.
لكن ظاهرة إطلاق العيارات النارية عند رؤية الهلال، بكل مخاطرها، عادت للظهور بكثافة منذ عقدين بعد أن تلاشت في عقودٍ ماضية.
مدفع الإفطار : ما يزال مدفع الإفطار له حضور في الذاكرة، حيث تطلق قذائفه معلنة حلول وقت الإفطار، فيما تسبقه حملات تبضّع يومية من مراكز التسوق الحديثة أو من الأسواق الشعبية أو الباعة الجائلين.
"المحيبس (الخاتم)".
لازلات لعبة "المحيبس (الخاتم)” ذات حضورٍ ملحوظٍ في بغداد خاصة رغم انتشار الألعاب الإلكترونية ووسائل التسلية الأخرى حيث تجري هذه اللعبة الشعبية بين فريقين، حيث يودع الخاتم في يد أحد اللاعبين وعلى الفريق المقابل أن يستدل بمهارته وخبرته على مكانه، فيما يدفع الخاسر ثمن الزلابية (حلويات شعبية) التي توزع على أعضاء الفريقين والمتفرجين .
لعبة (الماجينه) .
كان الأطفال يجدون متعتهم الكبرى في لعبة (الماجينه) المشهورة، حيث يدورون على البيوت ليمنحهم أصحابها بعض النقود، وفي نهاية الجولة يقوم زعيم الفريق بتوزيع المال المتجمّع على مجموعته، أو يشتري لهم بثمنه الحلويات، لكن هذا الطقس الطفولي اختفى من بغداد وباقي المحافظات على نحو تام تقريبا.
أما الذي استجدَّ في أماسي رمضان العراقية هذه السنوات فهي السهرات النسائية في المقاهي والمطاعم إلى وقت متأخر من الليل وربما حتى السحور، بعد أن كانت تلك الأماسي فرصة لتبادل الزيارة بين الأقارب أو نساء الحي ولا تدوم طويلا.
المائدة المجانية اليومية.
أعظم طقوس رمضان الاجتماعية تتمثل بالمائدة المجانية اليومية، وهذه المائدة لها شكلان، شكل نراه في ما يتبادله الجيران قبيل الإفطار على غير اتفاق فتتنوع الموائد بأنواع الأكلات، وآخر وهو الأهم حيث تستقبل العوائل المحتاجة صحوناً من كل الأنواع وبما يفيض عن حاجتها، لأن الجميع يحرص على إهداء صحونه للعوائل الفقيرة دون انتظار مقابل منها، وهو عرف ديني واجتماعي وأخلاقي لا يمثل عبئاً ولا يلحق ضرراً نفسياً بالمحتاجين.
ومع أن هذه الظاهرة التكافلية الحسنة انقرضت تقريباً في سنوات الحصار التي شهدها العراق خلال عقد التسعينيات المنصرم، إلا أنها عادت من جديد بشكل أكثر حداثة وتنظيما.
المسحّراتي.
في الأحياء الشعبية الفقيرة ما تزال ضربات الطبال (المسحّراتي) أو (أبو الطبل أو الدمّام) تتردد ولو بصوت خافت معلنة حلول وقت السحور، ولكن هذه العادة الشعبية اختفت بشكل شبه تام في الأحياء الحديثة والمترفة فيما تنفرد مدينة السماوة (مركز محافظة المثنى الجنوبية) بأن المسحّراتي يؤدي طقسه بأسلوب خاص، حيث يرافق ضارب الطبل عازف أو أكثر على آلة موسيقية شعبية ومعهم فريق من المسحّراتية الشباب، يتوقفون عند رأس كل شارع ليبدأ طقسهم مصحوباً بدبكة راقصة لإيقاظ الناس واستقبال السحور بطريقة احتفالية.