لم يتمكن مجلس الأمن الدولي من اعتماد مشروع قرار أميركي يؤكد على ضرورة وقف إطلاق النار في قطاع غزة المحاصر، بعد أن استخدمت روسيا والصين الفيتو (حق النقض). حيث حصل مشروع القرار على تأييد 11 عضوا في المجلس، وعارضه 3 وامتنع عضو عن التصويت.
وقال المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إن قطاع غزة "دُمّر بشكل كامل قبل أن تبدأ الولايات الاعتراف بالحاجة إلى وقف إطلاق النار"، موضحا أن مشروع القرار الأميركي بشأن غزة لا يدعو إلى وقف إطلاق النار.
وأضاف أن وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قال إن "أمامنا حلا سيطرح في مجلس الأمن لكن مشروع القرار اليوم لا يظهر ذلك"، موضحا أن الولايات المتحدة تنافق بمشروع قرارها وتحاول ترويجه بزعم وقف إطلاق النار بصيغة مبهمة.
وأشار إلى أن المفاوضات التي شارك فيها الأميركيون بشأن غزة كانت مركزة وموجهة فقط للمماطلة، ولو اعتمد هذا القرار فإنه سيغلق النقاش بشأن وضع غزة وسيطلق يد إسرائيل هناك.
ولفت النظر إلى أن "الأعضاء غير الدائمين في المجلس أعدوا قرارا آخر غير مسيس بشأن غزة".
وقالت المندوبة الأميركية في مجلس الأمن ليندا توماس غرينفيلد، إن اعتماد القرار الحالي يسهم في "إرغام حماس" على قبول صفقة التبادل، مضيفة أن الولايات المتحدة تعمل مع مصر وقطر بشكل متواصل لتأمين وقف فوري ومستدام لإطلاق النار في غزة.
وأضافت خلال جلسة التصويت، أن الولايات المتحدة تعتقد أن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قريب لكننا لم ينجح بعد.
ويؤيد مشروع القرار الجهود الدبلوماسية الدولية الجارية لتأمين التوصل لوقف إطلاق النار هذا "فيما يتصل بالإفراج عن جميع المحتجزين المتبقين".
ويؤكد مشروع القرار دعمه الكامل لاستغلال الفرصة التي يتيحها أي وقف لإطلاق النار لتكثيف الجهود الدبلوماسية وغيرها من الجهود الرامية لتهيئة الظروف لوقف الأعمال القتالية بشكل مستدام، وإحلال سلام دائم على النحو المطلوب في القرار رقم 2720.
وهذه هي المرة التاسعة التي يجتمع فيها مجلس الأمن للتصويت على مشروع قرار حول العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث اعتمد المجلس قرارين بشأن الوضع هما القرار رقم 2712، والقرار رقم 2720.
- بنود المشروع الأميركي -
يكرر مشروع القانون الأميركي تأكيد مطالبته بامتثال جميع أطراف الصراع لالتزاماتها بموجب القانون الدولي، ويشدد على الحاجة الملحة لتوسيع نطاق تدفق المساعدة الإنسانية إلى المدنيين في قطاع غزة بأكمله، كما يرفض التهجير القسري للسكان المدنيين في غزة،
كما يكرر تأكيد مطالبته بأن تسمح حماس وغيرها من فصائل المقاومة الفلسطينية فورا بوصول المساعدة الإنسانية إلى جميع المحتجزين المتبقين، ويطالب جميع الأطراف بالامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي فيما يتعلق بجميع الأشخاص الذين تحتجزهم، ويحث الدول الأعضاء على تكثيف جهودها لقمع تمويل الإرهاب،
ويكرر المشروع تأكيد مطالبته جميع الأطراف بالسماح بإيصال المساعدة الإنسانية بشكل كامل وفوري وآمن ومستدام ومباشر ودون عوائق وعلى نطاق واسع إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة،
ويرفض مشروع القرار الإجراءات التي تقلص مساحة أراضي غزة، بما في ذلك تقليصها من خلال الإنشاء الرسمي أو غير الرسمي لما يسمى بالمناطق العازلة، فضلا عن الهدم المنهجي الواسع النطاق للمرافق الأساسية المدنية،
كما يدين دعوات وزراء حكوميين إلى إعادة استيطان غزة ويرفض أي محاولة لإحداث تغيير ديمغرافي أو إقليمي في غزة،
ويشدد على أهمية منع توسع دائرة التصعيد في المنطقة، بما في ذلك على طول الخط الأزرق، داعيا جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، ومؤكدا من جديد إدانته بأشد العبارات للهجمات التي يشنها الحوثيون على السفن في البحر الأحمر ومطالبته بوقفها فورا،
كما يكرر المشروع تأكيد التزامه الثابت برؤية حلّ الدولتين الذي يعيش بموجبه الإسرائيليون والفلسطينيون جنبا إلى جنب في سلام وضمن حدود آمنة ومعترف بها، بما يتفق مع القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، كما يشدد في هذا الصدد على أهمية توحيد قطاع غزة مع الضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية،
ويشدد مشروع القانون على وجوب احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني والعتاد المستخدم للأغراض الإنسانية، يشدد أيضا على وجوب احترام وحماية المستشفيات والمرافق الطبية الأخرى والعاملين في المجال الطبي.
- 9 أصوات على الأقل -
وقال المتحدث باسم البعثة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيت إيفانز يوم الخميس إن المشروع هو نتاج "جولات عديدة من المشاورات" مع الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي وعددها 15 دولة.
ويعكس القرار مزيدا من التشديد في موقف واشنطن تجاه إسرائيل. ففي وقت سابق من الحرب كانت الولايات المتحدة تعارض حتى لفظ وقف إطلاق النار واستخدمت حق النقض ضد إجراءات تضمنت دعوات لوقف فوري لإطلاق النار.
ويدعم النص المحادثات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة ومصر وقطر بشأن وقف إطلاق النار ويؤكد دعم استغلال فترة الهدنة لتكثيف الجهود لتحقيق "سلام دائم".
ولاعتماده، يحتاج مشروع القرار إلى موافقة تسعة أصوات على الأقل وعدم استخدام حق النقض من قبل أي من الدول الخمس دائمة العضوية وهي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين.
وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يوم الخميس إنه يعتقد أن المحادثات في قطر، والتي تركز على هدنة لستة أسابيع والإفراج عن 40 محتجزا إسرائيليا والمئات من الأسرى الفلسطينيين، لا يزال من الممكن أن تقود إلى اتفاق.
وتتمثل النقطة الشائكة الرئيسة في أن حماس تقول إنها لن تطلق سراح المحتجزين إلا في إطار اتفاق من شأنه أن ينهي الحرب، في حين تقول إسرائيل إنها تناقش فقط هدنة مؤقتة.
وتريد الولايات المتحدة أن يكون دعم مجلس الأمن لوقف إطلاق النار مرتبطا بالإفراج عن المحتجزين لدى حماس في غزة.
وخلال الحرب التي أعقبت الهجوم، استخدمت واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد ثلاثة مشاريع قرارات، كان اثنان منها يطالبان بوقف فوري لإطلاق النار. وفي الآونة الأخيرة، بررت الولايات المتحدة استخدام حق النقض بالقول إن اتخاذ إجراء في المجلس يمكن أن يعرض للخطر جهود الوساطة التي تبذلها الولايات المتحدة ومصر وقطر لوقف الحرب وإطلاق سراح الرهائن.
وتحمي الولايات المتحدة إسرائيل عادة في الأمم المتحدة، لكنها امتنعت عن التصويت مرتين، مما سمح للمجلس باعتماد قرارات تهدف إلى تعزيز المساعدات لغزة والدعوة إلى هدن طويلة.