يتولى الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، ولايته الخامسة، في ظل تحديات داخلية وخارجية واسعة تواجه البلاد؛ لا سيما الخطر الإرهابي بعد أعنف هجوم إرهابي يضرب روسيا منذ 20 عاماً، خلف ما لا يقل عن 137 قتيلاً، إضافة إلى تواصل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا منذ 24 فبراير 2022.
فبعد أيام من فوز فلاديمير بوتين بولاية خامسة رئيساً لروسيا، قتل وأصيب عشرات الأشخاص في هجوم مسلح استهدف مركزاً ترفيهياً قرب موسكو كانت تقام فيه حفلة موسيقية ما أفسد فرحة الفوز بالانتخابات حيث أشار بوتين في خطابه إلى تنظيم «داعش»، الذي أعلن مسؤوليته عن الهجوم على قاعة الحفلات الموسيقية في كروكوس سيتي، وبدلاً من ذلك ركز خطابه المتلفز الذي دام نحو خمس دقائق للتأكيد أن الجناة الأربعة المباشرين كانوا «يتحركون نحو أوكرانيا» عندما تم اعتقالهم وأنه «تم إعداد نافذة لهم من الجانب الأوكراني لعبور حدود الدولة».
وعود
قبل الانتخابات، قطع الرئيس بوتين عديداً من الوعود على نفسه وأمام الشعب الروسي، والتي من المتوقع أن يسعى لتحقيقها خلال فترة ولايته الجديدة. من بين هذه الوعود، تأتي الأولويات الداخلية، حيث يتعين على بوتين العمل على تعزيز الأمن وتحفيز التنمية الاقتصادية في روسيا، بما في ذلك معالجة الآثار الاقتصادية والاجتماعية للحرب والتي أسفرت عن تحديات من نوع خاص.
على الصعيد الخارجي، تبقى العملية العسكرية في أوكرانيا من بين الأولويات الرئيسية للرئيس بوتين، حيث يسعى لتحقيق أهدافها الحربية بشكل كامل. وتشمل هذه الأهداف العديد من العناصر، مثل استقرار الحدود الروسية وتعزيز النفوذ الروسي في المنطقة، وتحقيق مصالح أمنية واقتصادية لروسيا وعدم تعرض روسيا لخطر إرهابي.
أولويات
من موسكو، يتحدث الباحث السياسي، رامي القليوبي، في تصريحات خاصة لـ«البيان» عن أبرز الأولويات الرئيسية أمام الرئيس بوتين على المديين القصير والمتوسط في مستهل ولايته الخامسة، سواء على صعيد الأولويات الداخلية وكذلك الخارجية، لا سيما في وقت تواجه فيه موسكو وضعاً خاصاً؛ لجهة انخراطها في الحرب في أوكرانيا، وتبعات تلك الحرب.
الأمن
على الصعيد الداخلي، فإن «الأولوية القصوى أمام الرئيس الروسي تكمن في الوفاء بالوعود الانتخابية التي قطعها على نفسه، لا سيما ضمان الأمن ودحر الخطر الإرهابي وتقديم الدعم للعائلات، وهذا يتطلب توفير موارد مالية إضافية»، بحسب القليوبي، الذي يشير إلى بعض القنوات التي تتجه الدولة الروسية لتوفير تلك الموارد المالية من خلالها.
من بين تلك الموارد ما تتناقله وسائل الإعلام الروسية وما ألمح إليه الرئيس بوتين نفسه فيما يتعلق بخطط إعادة العمل بالضريبة التصاعدية؛ من أجل زيادة موارد ميزانية الدولة. علاوة على أن هنالك توقعات بخفض محتمل لقيمة العملة المحلية (الروبل) حتى يتم الحصول على ما يكفي من عوائد النفط والغاز للوفاء بالالتزامات الداخلية بما يعادل تلك العوائد بالروبل، بحسب القليوبي.
وفيما يخص الأولويات الخارجية في ولاية بوتين الخامسة، تكمن في مواصلة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا (التي بدأت في الرابع والعشرين من شهر فبراير من العام 2022)، وتحديداً لجهة إحكام السيطرة على المناطق التي تم ضمها إلى روسيا (لوهانسك ودونيتسك وزاباروجيا وخيرسون) بموجب الدستور، لكن فعلياً هناك مناطق شاسعة منها لا تزال موضع معارك كر وفر، ولا تسيطر عليها روسيا بالشكل الكامل.
في سياق متصل، وفيما يخص الأهداف الخارجية المرتبطة بالمضي قدماً في العملية العسكرية وتحقيق أهداف موسكو الحربية، يشكك بروفيسور العلاقات الدولية في كلية هاميلتون، آلان كفروني، في مدى إمكانية قدرة روسيا على ذلك.
ويقول: «لا يُمكن الجزم بمدى قدرة روسيا على تحقيق أهدافها العسكرية التي تصبو إليها في المرحلة الحالية»، مشدداً في الوقت نفسه على أنه لا يوجد ما يدعو للتفاؤل بشأن إمكانية التوصل لتسوية سياسية للحرب القائمة بموافقة روسيا، إن لم تكن هنالك ضمانات تحقق لموسكو حياد كييف، علاوة على الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم والمناطق الأربع المشار إليها، وهي شروط لن تقبل بها الولايات المتحدة وحلفاؤها.
وفي هذا السياق، يتوقع أن تشهد المرحلة الحالية بعد فوز بوتين حملة تجنيد جديدة (في سياق مساعي روسيا للمضي قدماً في عمليتها العسكرية حتى تحقيق أهدافها)، بدعم من تأييد الرأي العام الروسي للحكومة في البلاد.