أمريكا تفرض قيوداً على "الملوثات الأبدية" في المياه

{title}
همزة وصل   -
أعلنت السلطات الأمريكية الأربعاء أنها ستضع حدوداً قصوى في المياه الجارية للفاعلات بالسطح الفلورية (PFAS)، الملقبة ب«الملوثات الأبدية»، وهي الأولى على المستوى الوطني في البلاد، ما يوضح الوعي المتزايد بمخاطر هذه المواد الكيميائية على الصحة.
ويُفترض أن تساعد هذه القواعد الجديدة في تقليل تعرّض نحو 100 مليون شخص لهذه المركّبات الكيميائية، وتفادي «آلاف الوفيات»، بحسب وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA).
وقال رئيس الوكالة مايكل ريغان إن هذا «أقوى إجراء يُتخذ على الإطلاق بشأن الفاعلات بالسطح الفلورية من جانب وكالة حماية البيئة».
وتُعدّ ال«بولي فلورو ألكيل» (PFAS) عائلة كبيرة من الجزيئات الاصطناعية، وهي مستخدمة منذ أربعينيات القرن العشرين وجرى تطويرها للإفادة من ميزاتها المقاومة خصوصاً للحرارة.
وتُستخدم هذه المركّبات على سبيل المثال في المنسوجات المقاومة للماء والمقالي غير اللاصقة (من مادة التيفلون) والمنظّفات ومستحضرات التجميل والكثير من المنتجات الأخرى.
لكنّ المشكلة تكمن في أن هذه الخصائص تجعل من القضاء على هذه المركّبات مهمّة شبه مستحيلة، ما يؤدي إلى تراكمها في الطبيعة أو في جسم الإنسان.
ومع ذلك، أكدت وكالة حماية البيئة أن التعرض لبعض الفاعلات بالسطح الفلورية مرتبط بالسرطان وقد يؤثر في الخصوبة أو حتى نمو الأطفال الصغار.
وقال مايكل ريغان «ليس هناك شك في أن هذه المركّبات الكيميائية كانت مهمة لبعض الصناعات وبعض الاستخدامات الاستهلاكية»، «ولكن ليس هناك شك أيضاً في أن الكثير منها يمكن أن يكون ضاراً بصحتنا وبيئتنا».
وتحاول سلطات بلدان أخرى أيضاً التصدي لانتشار هذه المركّبات: ففي فرنسا على سبيل المثال، وافقت الجمعية الوطنية الأسبوع الماضي في قراءة الأولى على حظر بعض المنتجات التي تحتوي على الPFAS.
وكانت الحكومة الأمريكية أعلنت عن نيتها اتخاذ إجراءات بشأن «الملوثات الأبدية» في مياه الشرب قبل نحو عام. وقد وضعت اللمسات النهائية على القواعد الجديدة، بعد فترة من المشاورات العامة.
بالتفصيل، يتعلق الأمر بخمسة أنواع من الPFAS - لا سيما PFOA وPFOS (حمض بيرفلوروأوكتان السلفونيك)، وهي أكثر المواد الخاضعة للدراسات وأكثرها رصداً.
وتشير تقديرات وكالة حماية البيئة الأمريكية إلى أن ما بين 6% و10% من أنظمة مياه الشرب العامة (66 ألفاً في المجموع) ستحتاج إلى اتخاذ خطوات للامتثال للمعايير الجديدة.
وسيكون أمام هذه الأنظمة أولاً ثلاث سنوات لاختبار مياهها وإبلاغ السكان بمستويات التلوث التي تمت ملاحظتها. وسيكون أمامها بعد ذلك عامان إضافيان للعمل، على سبيل المثال عن طريق تثبيت مرشحات (فلاتر) محددة.
وأعلنت الحكومة الأمريكية الأربعاء توفير مليار دولار للمساعدة في تمويل هذه المرافق، وهي أموال مرصودة بموجب قانون كبير لتجديد البنية التحتية جرى إقراره في عام 2021.
وتضع 10 ولايات أمريكية في الأصل حدوداً لهذه المركّبات في مياه الشرب، وستكون قادرة على الاحتفاظ بها إذا كانت أكثر تشدداً من تلك المعتمدة على الصعيد الوطني.
وتضع دول أخرى، ومعها الاتحاد الأوروبي، بالفعل حدوداً قصوى لهذه المركّبات.
لكن تلك التي أعلنتها الولايات المتحدة الأربعاء هي «من الأكثر صرامة في العالم، إن لم تكن الأكثر صرامة»، بحسب ميلاني بينيش، من «إنفايرومنتل ووركينغ غروب» («مجموعة العمل البيئي») (EWG)، وهي منظمة ملتزمة للغاية بهذا الموضوع.
ووصفت في تصريحات لوكالة فرانس برس القواعد الجديدة بأنها «تاريخية»، مضيفة «هذا انتصار كبير للصحة العامة في الولايات المتحدة».
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير