مع ارتفاع حدة المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في الخرطوم، ودخول فصل الصيف، اشتدت معاناة المدنيين الذين ما زالوا تحت القصف المتبادل من شح الخدمات وانعدام بعضها، إذ انقطعت إمدادات مياه الشرب عن غالبية أحياء العاصمة، نتيجة لانقطاع التيار الكهربائي، ليضيف على السكان عبئاً آخر، في ظل شبح الجوع الذي يهدد الملايين وانعدام الدواء.
وبحسب شهود فإن كل مصادر المياه في منطقة جنوب الحزام جنوبي الخرطوم توقفت منذ ثلاثة أيام، عدا الآبار الجوفية، وضربت موجة عطش أحياء المنطقة المكتظة بالسكان. ولفت الشهود إلى أن الآلاف يقاومون العطش عبر اللجوء إلى الطرق التقليدية بسحب المياه من الآبار عن طريق (الدلاء)، وهذه لا يتم الحصول عليها إلا بالمكوث لساعات طويلة في طوابير الانتظار.
ونتيجة لذلك ارتفعت أسعار المياه التي عادة ما تأتي عبر عربات (الكارو)، التي تجرها الدواب، وتراوح سعر برميل المياه الواحد ما بين 7 إلى 10 آلاف جنيه، وضاعف انقطاع التيار الكهربائي، وانعدام وقود المولدات من معاناة الناس هناك، لا سيما مع ارتفاع درجات الحرارة إلى أرقام غير مسبوقة، وتردي الأوضاع الصحية والبيئية، وتوقف جل المستشفيات والمراكز الصحية عن تقديم الخدمات العلاجية للمرضى.
وفي مدينة الخرطوم التي شهدت خلال اليومين الماضيين موجة اشتباكات جديدة، تعاني معظم أحياء شرق الخرطوم من العطش، إذ استمر انقطاع المياه لعدة أسابيع، دون أن تلوح في الأفق بوادر لمعالجة الأزمة التي تتفاقم مع ازدياد وتيرة المعارك، وينطبق الأمر ذاته على أحياء مدينة الخرطوم بحري وأحياء مدينة أم درمان القديمة، مع استمرار انقطاع خدمات الكهرباء والاتصالات، وصعوبة إيصال المواد الغذائية.
ويزداد الوضع الإنساني في عموم البلاد تعقيداً مع دخول الحرب عامها الثاني، وارتفاع عدد ضحاياها، ما بين آلاف القتلى وعشرات الآلاف من المصابين، وملايين النازحين واللاجئين، مع تحذيرات أممية من أن السودان يشهد أسوأ أزمة جوع في العالم، حيث يهدد الجوع ما يقارب 25 مليون شخص، نتيجة لانعدام الغذاء وصعوبة دخول المساعدات، وعدم استجابة أطراف الاقتتال لفتح الممرات الإنسانية لانسياب الإغاثة.