قال سكان إن الجيش الإسرائيلي شن غارات جوية على رفح اليوم الاثنين، وذلك بعد ساعات من طلبه من الفلسطينيين إخلاء أماكن من المدينة التي يلوذ بها أكثر من مليون نازح جراء الحرب. وتزداد المخاوف إزاء شن هجوم شامل في رفح، وهو أمر تهدد به إسرائيل منذ فترة طويلة، على معاقل حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» في ظل توقف محادثات وقف إطلاق النار في القاهرة. وقال عزت الرشق المسؤول بحماس في بيان إن أي عملية إسرائيلية في رفح «ستضع المفاوضات في مهب الريح». ولم يصدر تعليق بعد عن إسرائيل، فيما ذكر تلفزيون الأقصى التابع لحماس أن إسرائيل استهدفت مناطق في شرق رفح بالقرب من أحياء أصدرت أوامر بالإخلاء لساكنيها. وخرجت أسر على غير هدى تحت زخات المطر بعد أن تلقت تعليمات من خلال رسائل نصية باللغة العربية واتصالات هاتفية ومنشورات بالانتقال إلى ما وصفها الجيش الإسرائيلي بأنها «منطقة خدمات إنسانية موسعة» على بُعد 20 كيلومتراً. وكدس بعض الأسر أطفالاً ومتعلقات فوق عربات تجرها الحمير، بينما غادرت أخرى بسيارات نقل أو على الأقدام في شوارع موحلة. وقال أبو رائد وهو أحد النازحين في رفح لرويترز من خلال أحد تطبيقات التراسل «كانت بتمطر طول الليل ومش عارفين وين نروح، طول الوقت كنا قلقان انه هيك يوم راح ييجي، هلقيت لازم أشوف وين ممكن تروح بعيلتي». وقال سامي أبو زهري القيادي الكبير بحركة حماس لرويترز إن أمر الإخلاء الإسرائيلي من رفح «تطور خطير وسيكون له تداعياته». وأضاف أن «الإدارة الأمريكية تتحمل المسؤولية إلى جانب الاحتلال عن هذا الإرهاب»، في إشارة إلى التحالف الأمريكي الإسرائيلي. وذكرت «حماس» لاحقاً في بيان أن أي هجوم في رفح لن يكون «نزهة لجيش الاحتلال الفاشي، وأن مقاومتنا الباسلة وعلى رأسها كتائب القسام، على أتم الاستعداد للدفاع عن شعبنا ودحر هذا العدو وإجهاض مخططاته وإفشال أهدافه». وتُحذّر وكالات إغاثة من أن أمر الإخلاء سيزيد من حدة الكارثة الإنسانية في القطاع الساحلي الذي يسكنه 2.3 مليون نسمة يعانون ويلات الحرب المستمرة منذ سبعة أشهر. وقالت منظمة «أكشن إيد» الخيرية البريطانية «إجبار ما يزيد على مليون نازح فلسطيني من رفح على الإخلاء من دون مقصد آمن ليس أمرا غير مشروع فحسب، وإنما سيؤدي إلى عواقب كارثية». وقال الجيش الإسرائيلي إنه حث سكان رفح على الإخلاء في عملية «محدودة النطاق»، ولم يذكر أسباباً محددة، كما لم يذكر ما إذا كان ذلك سيتبعه أي عمل هجومي. وذكر نيك ماينارد، وهو جراح بريطاني يحاول مغادرة غزة اليوم الاثنين، في رسالة صوتية من الجانب الفلسطيني من معبر رفح «انفجرت قنبلتان ضخمتان أمام المعبر مباشرة، ثمة كثير من إطلاق النار أيضاً على بُعد نحو 100 متر منا، لسنا متأكدين من إذا ما كنا سنخرج». وأضاف «خلال قيادة السيارة في رفح، كان التوتر ملموساً، إذ يُسارع الأشخاص إلى الإخلاء بأسرع ما بوسعهم».
«أكبر كارثة»
قال شهود إن المناطق التي تريد إسرائيل نقل النازحين إليها في رفح وما حولها مزدحمة بالفعل ولا يوجد مساحة تقريباً لإضافة المزيد من الخيام. وقالت النازحة الفلسطينية أمينة عدوان «أكبر مجزرة بدها تصير، أكبر كارثة بدها تصير في رفح، أنا بناشد العالم العربي كله يدّخل في هذا الموضوع لوقف إطلاق النار، يدّخلوا ينجدونا من اللي إحنا فيه». وتهدد إسرائيل بإطلاق عملية عسكرية برية في رفح، التي تقول إنها تؤوي الآلاف من مقاتلي الحركة وربما عشرات من الرهائن وإن من المستحيل تحقيق النصر دون السيطرة على المدينة. ويُثير احتمال تنفيذ عملية قد توقع خسائر بشرية كبيرة قلق قوى غربية وكذلك مصر المجاورة التي تحاول التوسط في جولة جديدة من محادثات الهدنة قد تشمل إطلاق سراح بعض الرهائن الذين تحتجزهم حماس. لكن قناة القاهرة الإخبارية التابعة للدولة المصرية نقلت عن مصدر «رفيع المستوى» لم تذكر اسمه قوله اليوم الاثنين إن «قصف حماس لمنطقة كرم أبو سالم تسبب في تعثر مفاوضات الهدنة» أمس الأحد، مما أسفر عن مقتل أربعة جنود إسرائيليين. وحثت مصر إسرائيل على «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس في غزة»، قائلة إن أي عملية عسكرية هناك ستنطوي على «مخاطر إنسانية بالغة». وقالت مصادر أمنية في وقت سابق إن مصر رفعت مستوى جاهزيتها العسكرية في شمال سيناء. وأثارت خطة اجتياح رفح خلافات معلنة غير معتادة بين إسرائيل وواشنطن التي دأبت على تحذير حليفتها ألا تُهاجم المدينة بسبب احتمال سقوط قتلى وجرحى من المدنيين. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي اليوم الاثنين إن المحادثات الجارية لاتفاق الرهائن هي الطريقة المثلى لتجنب اجتياح رفح، وذكر مسؤول أمريكي أن الرئيس جو بايدن تحدث هاتفياً إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اليوم. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن عمليات الإجلاء تتركز الآن في عدد قليل من الأحياء الواقعة على أطراف رفح والتي سيُوجه الأشخاص الذين يتسنى إجلاؤهم منها إلى مخيمات في خان يونس والمواصي القريبتين. وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن الطائرات الإسرائيلية قصفت عشرة منازل في ضربة جوية الليلة الماضية على رفح، ما تسبب في مقتل 20 شخصاً وإصابة آخرين. وذكر الجيش الإسرائيلي أنه هاجم موقع إطلاق صواريخ المورتر التي أودت بحياة أربعة جنود إسرائيليين بالإضافة إلى مجموعة مسلحين أمس الأحد. وبدأت الحرب بعد أن نفذت حماس هجوماً مباغتاً عبر الحدود في السابع من أكتوبر على إسرائيل التي تقول إنه تسبب في مقتل 1200 شخص واحتجاز 252 رهينة. وتقول وزارة الصحة في غزة إن ما يزيد على 34600 فلسطيني استشهدوا، 29 منهم خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، فيما أصيب أكثر من 77 ألفاً جراء العملية العسكرية الإسرائيلية. وتتهم الأمم المتحدة إسرائيل بمنع وصول المساعدات إلى قطاع غزة، في حين قالت سيندي مكين المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي في مقابلة في مطلع الأسبوع إن هناك «مجاعة شاملة» بالفعل في شمال القطاع.