مع اقتراب موعد توجه الأميركيين إلى مراكز الاقتراع لحسم المواجهة بين طرفيْ السباق نحو البيت الأبيض، الرئيس «الديمقراطي» جو بايدن ومنافسه «الجمهوري» دونالد ترامب، تكثف حملتا الرجليْن جهودهما، لاكتساب دعم الناخبين المنقسمين على أنفسهم، وسط استطلاعات للرأي، تشير إلى تقارب شعبية المتنافسيْن، على رئاسة الدولة الأكبر في العالم.
وكشف خبراء ومحللون سياسيون في واشنطن، أن الحملتيْن تُخصصان جانباً لا يستهان به، من ميزانية كل منهما، في هذه المرحلة من السباق الرئاسي، لنشر مزيد من الرسائل الدعائية عبر منصات التواصل الاجتماعي، لمخاطبة شرائح بعينها من الناخبين، خاصة الشباب.
وأشار المحللون، إلى تقديرات أعدها خبراء شركة أميركية للتحليلات الرقمية، تفيد بأنه من المتوقع أن يتضاعف الإنفاق على المنشورات ذات الطابع السياسي، على وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة، في عام الانتخابات الرئاسية هذه المرة، عن نظيره الذي سُجل قبل انتخابات 2020.
فبحسب تقديرات الشركة، التي تحمل اسم «إي ماركتر»، يُنتظر أن يصل حجم الإنفاق على تلك المنشورات خلال 2024، إلى قرابة 605 ملايين دولار أميركي، مقارنة بـ 324 مليوناً أُنفقت للغرض نفسه في الفترة السابقة للانتخابات التي أُجريت قبل أربع سنوات، وتنافس فيها بايدن وترامب أيضاً.
ولكن الخبراء في مجال العالم الرقمي، أشاروا في الوقت ذاته، إلى أن بيئة منصات التواصل تختلف في هذه المرة، عن مثيلتها قبيل الانتخابات الأخيرة، وذلك بعدما عَمَدَت شركة «ميتا» المالكة لمنصات مثل «فيسبوك» و«إنستجرام»، إلى تقليل ظهور المنشورات والحسابات التي تركز على السياسة عليهما، وفرضها قواعد جديدة على المُعلنين السياسيين، ما أدى إلى تقليص فرص وصولهم إلى مؤيديهم المحتملين.
وبدأ تطبيق هذه القواعد جزئياً، في غمار غضب واسع نجم عما اعتُبِرَ قبل سنوات، محاولة خارجية للتأثير على سباق 2016 الرئاسي، الذي أوصل ترامب إلى البيت الأبيض بعد تغلبه على منافسته «الديمقراطية» هيلاري كلينتون. وازدادت تلك الإجراءات صرامة، إثر الهجوم على مقر الكابيتول مطلع عام 2021، من جانب محتجين على نتائج انتخابات الرئاسة، التي كانت قد أسفرت قبل ذلك، عن فوز بايدن بالرئاسة.
ودفعت تلك القواعد، حملتيْ بايدن وترامب، إلى إعادة النظر في خريطة انتشارهما الرقمي، قبيل مواجهة الخامس من نوفمبر. فحملة الرئيس «الديمقراطي»، باتت تعتمد الآن بشكل أكبر، على الإعلانات التي تُبث من خلال وسائل الاتصال الرقمي، وتجنيد المزيد من المتطوعين لحشد الدعم لبايدن، على المجموعات التي تُشكَّل على برامج التراسل الفوري، مثل «واتس آب» وغيره.
أما الملياردير «الجمهوري»، فقد زاد بشكل كبير، من منشوراته على شبكته للوسائط الاجتماعية، «تروث سوشيال»، وذلك على حساب أي استخدام للمنصات الأخرى التقليدية الأكثر انتشاراً، كـ «فيسبوك» و«إكس» و«يوتيوب». وأشارت دراسة تحليلية، أبرزت صحيفة «واشنطن بوست» بعض نتائجها، إلى أن منشورات ترامب على «فيسبوك»، تراجعت من أكثر من ألف منشور في مارس 2020، إلى نحو 200 فحسب، في الشهر نفسه من العام الجاري.
وفي السياق ذاته، أظهرت بيانات إحصائية أن المؤسسات الإخبارية الـ 25 الأكثر شهرة في الولايات المتحدة، فقدت نحو 75% من إجمالي تفاعل المستخدمين مع حساباتها على «فيسبوك»، وقرابة 58% من تفاعلاتهم معها على «إنستجرام»، في الفترة ما بين الربع الأول من عام 2022 والفترة ذاتها من العام الحالي، كنتيجة مباشرة على ما يبدو لتقييد المنشورات ذات الطابع السياسي. ودفعت هذه البيانات خبراء أميركيين في مجال الاتصال الرقمي، للإعراب عن انزعاجهم، إزاء التأثيرات المحتملة لاستمرار فرض مثل هذه القيود، مؤكدين أن ذلك الأمر يثير القلق، ليس من جانب حملتيْ بايدن وترامب وحدهما، وإنما لدى المعنيين بوضع الديمقراطية بوجه عام في الولايات المتحدة.
أبدى الرئيس الأميركي جو بايدن في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، أول أمس، ثقته بأنّه سيفوز بولاية ثانية في الانتخابات المقرّرة في نوفمبر المقبل، مؤكّداً أنّ منافسه الجمهوري دونالد ترامب «لن يقبل» بهذه النتيجة على غرار ما فعل في الانتخابات السابقة.
وقال بايدن إنّ ترامب «قد لا يقبل بنتيجة الانتخابات. أنا أوكّد لكم أنّه لن يقبل بها».
وكان ترامب قال الأسبوع الماضي في مقابلة مع صحيفة «ميلووكي جورنال سينتينل» إنّه «إذا جرى كلّ شيء بنزاهة، فسأقبل النتائج بكلّ سرور، لكن إذا لم تكن الحال كذلك، فسيتعيّن علينا النضال من أجل مصلحة البلاد».
من جهة ثانية، أكّد بايدن أنّ الرئيس الديموقراطي السابق باراك أوباما، المنخرط بفعالية في الحملة الانتخابية لنائبه السابق، نصحه بـ«مواصلة القيام» بما يقوم به.
ونشرت الصحافة الأميركية في الآونة الأخيرة تقارير تحدّثت عن تحفّظات لأوباما على الحملة الانتخابية لبايدن الذي تظهر استطلاعات الرأي أنّه متقارب مع ترامب في نوايا التصويت، أو حتى متخلّف عنه في بعض الولايات الحاسمة.
وفي مقابلته مع «سي إن إن» قال الرئيس الأميركي «أنا سعيد بمسار الحملة» لا سيّما وأنّ «غالبية الناس لن يركّزوا ويتّخذوا قرارهم سوى في الخريف». ولم يعترف ترامب قطّ بهزيمته أمام بايدن في الانتخابات الرئاسية التي جرت في 2020.
وعن تلك الانتخابات سأل بايدن «كم عدد القضايا القضائية التي خسرها؟» ترامب، في إشارة إلى المحاولات الفاشلة التي قام بها منافسه للطعن بالانتخابات في بعض الدوائر الانتخابية.
وقال بايدن إنّ «هذا الرجل ليس من أنصار الديمقراطية». وأشاد الرئيس «الديمقراطي» بالجهود التي تبذلها حملته الانتخابية للوصول إلى الناخبين «عبر الطرق على الأبواب (...) بالطريقة القديمة».
وردّاً على سؤال حول استطلاعات الرأي التي تفيد بأنّ الأميركيين يثقون بخصمه أكثر عندما يتعلق الأمر بالمسائل الاقتصادية، قال بايدن إنّ ترامب «لم ينجح أبداً في خلق فرص عمل، بينما أنا لم أفشل أبداً. لقد خلقتُ 15 مليون وظيفة». وأضاف أنّ «اقتصادنا هو الأقوى في العالم».
من ناحية أخرى، أكّد بايدن، على غرار ما يفعل دوماً، أنّ غالبية الزعماء الأجانب يقولون له خلال القمم الدولية التي يشارك فيها معهم «عليك أن تنتصر».