ربما لا يعلم كثيرون أن الناخبين الأميركيين، الذين سيتوجهون إلى مراكز الاقتراع في الخامس من نوفمبر المقبل، لن يدلوا بأصواتهم في ذلك اليوم لاختيار مرشحهم للرئاسة فحسب، وإنما سيختارون أيضا، كما هو الحال كل أربع سنوات تزامنا مع السباق الرئاسي، كامل أعضاء مجلس النواب الـ 435، بجانب شاغلي 34 من مقاعد مجلس الشيوخ المئة.
ورغم أن الغالبية العظمى من الأنظار، تتركز على المواجهة المرتقبة بين الرئيس «الديمقراطي» جو بايدن وسلفه وغريمه «الجمهوري» دونالد ترامب على منصب رئيس الدولة الأقوى في العالم، فإن المنافسة الانتخابية بين «الديمقراطيين» و«الجمهوريين»، على الوصول إلى تلة «الكابيتول»، حيث مقر الكونجرس، لا تقل إثارة عن تلك المحتدمة بين الراغبيْن في دخول البيت الأبيض. ويزيد من أهمية انتخابات الكونجرس هذه المرة، ما يتوقعه كثير من المحللين في الولايات المتحدة، من أنها قد تفضي لحدوث انقلاب كامل، فيما يتعلق بهوية الأغلبية والأقلية في مجلسيْ النواب والشيوخ.
وفي تصريحات نشرتها مجلة «ذا إيكونوميست» البريطانية الأسبوعية على موقعها الإلكتروني، أبدى المحللون الأميركيون استغرابهم، من عدم إبداء الكثيرين، الاهتمام الواجب بانتخابات الكونجرس المقبلة، وتسليطهم الأضواء بشكل شبه كامل، على الاقتراع الرئاسي الذي سيُجرى بالتزامن معها.
فنتائج المواجهة «الجمهورية»- «الديمقراطية» على مقاعد مجلسيْ «النواب» و«الشيوخ»، ستؤثر على الوضع السياسي في واشنطن، على مدار السنوات الأربع المقبلة، أيا كانت هوية الفائز بالانتخابات الرئاسية.
ويُعزى ذلك، وفقا للمحللين، إلى أن تشكيلة الكونجرس، ستلقي بظلالها على مدى قدرة الرئيس الأميركي المقبل على ممارسة سلطاته، وستحدد ما إذا كان سيصبح مطلق اليد بشكل كبير، في وضع توجهاته موضع التطبيق، أم أن طريقه سيكون حافلا بعراقيل وعقبات، يضعها أمامه المُشَّرِّعون المناوئون له في «الكابيتول».
فالمقاعد التي سيُجرى التنافس عليها هذا العام في مجلس الشيوخ، والتي تشكل ثلث مقاعده ككل مرة، تقع في ولايات مؤيدة على نحو كبير للجمهوريين، ما يمنحهم الفرصة لانتزاع الغالبية من يد الديمقراطيين، الذين لا تزيد الأكثرية التي يحظون بها حاليا في المجلس، على مقعدين.
وفي المقابل، يحظى الحزب «الديمقراطي» بفرصة لا يُستهان بها، لقلب المعادلة في مجلس النواب بعد الانتخابات المقبلة، حتى وإن كانت حظوظه في ذلك، ليست بقوة تلك، التي يتمتع بها «الجمهوريون» في «الشيوخ». فبوسع المرشحين «الديمقراطيين» لـ «النواب»، استغلال ما وُصِفَ بالطابع الفوضوي، الذي اتسمت به القيادة «الجمهورية» للمجلس خلال الدورة الماضية، لإقناع الناخبين بأنهم الأجدر بتمثيلهم فيه.
ففي مطلع أكتوبر من العام الماضي، صوَّت أعضاء مجلس النواب بالأغلبية، على عزل رئيسه «الجمهوري» كيفن مكارثي، في خطوة هي الأولى في تاريخ الولايات المتحدة، وذلك بدعم من تيار متشدد، في أوساط الأعضاء «الجمهوريين» أنفسهم. وفي وقت سابق من شهر مايو الجاري، قدمت النائبة «الجمهورية» المتشددة مارغوري تايلور غرين، اقتراحا بعزل رئيس المجلس الحالي، «الجمهوري» كذلك، مايك جونسون، دون أن يُكتب لها النجاح، في تحقيق هذا الهدف.
بجانب ذلك، ثمة توقعات بأن يتمكن المرشحون «الديمقراطيون»، من جمع تبرعات لتمويل حملاتهم، تفوق تلك التي سينجح منافسوهم «الجمهوريون» في جمعها، ما سيمنحهم أفضلية في الإنفاق على أنشطتهم الدعائية، وتعويض أغلبية المقاعد الخمسة، التي يتمتع بها نواب الحزب «الجمهوري»، في مجلس النواب الحالي.