بعد غدٍ الخميس يتوجه البريطانيون إلى مراكز الاقتراع للتصويت في انتخابات برلمانية تبدو محسومة للمعارضة «العمالية»، أعربت أوساط تحليلية في لندن، عن أسفها إزاء ما اعتبرته تجاهلاً من القوى السياسية المُشاركة في المعركة الانتخابية الوشيكة، لمشكلات رئيسة تعصف بالبلاد.
فالحملات الدعائية لتلك الأحزاب، وعلى رأسها حزبا «المحافظين» الحاكم و«العمال» المعارض، لم تتضمن على الأغلب الكشف عن خطط تفصيلية، لمعالجة الأزمات التي يكابدها البريطانيون، وفي مقدمتها غلاء تكاليف المعيشة الناجم عن ارتفاع تكلفة استهلاك الطاقة وازدياد أسعار السلع الأساسية، وتداعي قطاع الخدمات، خاصة الصحة والتعليم، بجانب أزمة الإسكان.
وأشار متابعو الاستحقاق الانتخابي في بريطانيا إلى أن الأسابيع الستة التي مضت تقريباً من تلك الحملات، لم تشهد طرحاً لحلول جذرية مقترحة، للأزمة التي يعانيها الاقتصاد، رغم أنه وُضِع لسنوات - كما قالوا - على أجهزة «الإعاشة الطبية»، بعدما سقط في هوة الركود. كما لم تُطرح مقترحات جدية قابلة للتنفيذ، للتعامل مع تبعات تلك الأزمة، ومن بينها ارتفاع المدفوعات الخاصة بفوائد الديون البريطانية، بواقع عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية. وأجهض هذا الارتفاع القياسي، محاولات الاستثمار في قطاع الخدمات العامة المُهمل والمتهالك، بما قاد إلى وصول عدد المُدرجين على قوائم منتظري تلقي الرعاية الطبية أو الاجتماعية إلى مستوى غير مسبوق.
ويتواكب ذلك، بحسب الخبراء، مع أزمة تضرب قطاع التعليم العالي، جراء تقلص الميزانيات المرصودة للجامعات.
ولكن أياً من الحزبيْن الكبيريْن في بريطانيا، لم يتطرق بشكل واضح وجاد لكل هذه الأزمات، في برنامجيها الانتخابييْن اللذين يحددان خططهما للحكم، إذا ما فاز أيهما بالأغلبية في مجلس «العموم» المقبل. ووفقاً للخبراء، يكتفي الحزبان بالتعهد بتخصيص ميزانية أكبر، للإنفاق في مجالات، مثل الصحة والدفاع، دون إيضاح كيفية وضع ذلك موضع التطبيق. وأشاروا، في تصريحات نشرتها النسخة الإليكترونية الأوروبية لصحيفة «بوليتيكو» الأميركية واسعة الاطلاع، إلى أن الحزبيْن - اللذين أطلقا كثيراً من «الوعود الوردية»، وعبرا عن «طموحات جسورة ولكن غامضة» - يتجنبان في الوقت ذاته، الحديث عن «ثقب أسود هائل» في الميزانية، ينتظر الفائز بانتخابات الرابع من يوليو.
واعتبر الخبراء، أن هناك ما يمكن وصفه بـ «مؤامرة صمت»، يشارك فيها «المحافظون» و«العمال»، فيما يتعلق بالحديث عن الأزمة الاقتصادية وكيفية حلها، بما يشمل إحجام كل منهما، عن مصارحة الناخبين بالثمن المطلوب للسير على طريق الخروج منها. كما أن الحزبين، يتجاهلان على نحو شبه كامل، التركيز على التبعات، التي ترتبت على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.