قدم الفنان التشكيلي والحروفي المغربي نور الدين شاطر، أحدث أعماله في معرض أقيم بمدينة طنجة، والتي استمد أسسها التقنية والجمالية من الحروفية المغربية بجماليتها وروحانيتها وبتجربة طويلة في ممارسة هذا الفن، الذي يحظى بشعبية كبيرة لدى المغاربة.
أعمال شاطر ترتكز على مقومات ومسالك جمالية لا تخطئ ضوابطها وقواعدها وفق دلالات وتشكلات تنهل من الحداثة والتجديد، تُعبر عن سرديات بصرية ثرية بالأبعاد التعبيرية وتنوع الخطوط والألوان والرموز التي تثير إعجاب المتلقي المحلي أو العالمي، فأعماله حُبلى بجمالية الأبعاد وكِمياء اللذة البصرية التي ترسلها اللوحة إلى المتلقي.
ونور الدين شاطر، بوصف الناقد الفني عزيز أزغاي، من أوائل من انتبهوا، منذ طفولته الفنية الأولى، إلى ضرورة استثمار الخط العربي في العملية التشكيلية إلى أبعد مدى، فمنذ تجاربه الأولى، التي كان يحضر فيها الحرف العربي كحمّال وكسند تشكيليين، قام بفعل ذلك بخلفية تميل إلى التجديد والابتكار، وتنحاز ما أمكن إلى ضرورة تنويع المقاربة والتناوب وفق خاصية التجريب، ويبدو ذلك واضحاً من خلال حضور معرفة الفنان بتجارب رائدة في هذا المجال، ويهمنا أن نذكر في هذا السياق تجربة الفنانين العربيين حافظ عثمان ومحمد شفيق فيما ما يرتبط أساسا بتقنية ما يسمى بـ«الكتابة المقلوبة» أو «الكتابة/ المرآة».
ويضيف أزغاي أن أهم ما يميز تجربة الفنان شاطر أنها تتسم بالحذر المبني على التخفيف مع سطح القماشة، والميل أكثر إلى اختيار حرف أو علامة بعينها لتكون موضوع تشكيل، دون الإسراف في ملء بياض اللوحة كيفما اتفق، وهو ما يجعل أعمال الفنان نور الدين شاطر تتسم بغير قليل من عنصر التلغيز، الذي ليس سوى استثمار في أراضي التجريد الفنية، باعتبارها لغة تشكيلية وجمالية محفوفة بكثير من إمكانيات القراءة والتأويل.
ويظهر ذلك واضحاً في الأعمال الأخيرة للفنان شاطر، التي عمد خلالها إلى المزاوجة المدروسة بين التشكيل اللوني التجريدي والتشكيل الحروفي كاستثمار جمالي، يغلب على لغة اللوحة أكثر من صياغة جملة أو جمل تشكيلية يطغى عليها طابع الحروفي/ الكاليغرافي، إلى تجريدية قابلة للتأويل مع تركيب منظم يرتبط بالسرديات الحروفية المعاصرة
رؤية تأملية
تمسك أعمال نور الدين شاطر الخيوط السرية للحرف العربي، وتمنحه إيقاعه اللوني داخل فضاء مكثف بالرموز التي تضفي على الحرف روحانية وشاعرية وفق رؤية تأملية تتجاوز صرامة الخط.