تحت عنوان ""تحول استراتيجي" في علاقة روسيا والصين.. ماذا وراء التدريبات في "المناطق الساخنة"؟" نشر موقع قناة "الحرة" تقريراً مطولاً ومفصلاً عن التحول الاستراتيجي في العلاقات بين كل من بكين وموسكو، الذي بدا ياخذ طابعاً أشمل بعد أن كان مقتصراً على الجانب السياسي والاقتصادي في المقام الأول.
يلاحظ التقرير أنه في ظل تصاعد الاضطرابات الجيوسياسية على الساحة الدولية، تسعى بكين وموسكو لتقوية شراكتهما العسكرية بشكل ملحوظ، مما يثير مخاوف الولايات المتحدة وشركائها في حلف شمال الأطلسي.
هذه الشراكة، التي كانت في السابق محصورة في التعاون السياسي والاقتصادي، باتت الآن تشمل تدريبات عسكرية مشتركة تزداد اتساعاً وإثارة للجدل، حيث تجري الدولتان مناورات بالقرب من مناطق حساسة مثل ألاسكا وتايوان واليابان.
ويرى خبراء عسكريون أن هذه التدريبات تعكس تحولاً استراتيجياً في نهج البلدين، مما يضعهما في مواجهة مباشرة مع النفوذ الأمريكي في المنطقة.
مناطق التدريبات
التحالف العسكري المتنامي بين الصين وروسيا يتجلى اليوم في تدريبات عسكرية مشتركة تعتبر الأكثر إثارة للجدل حتى الآن، وفقاً لتقرير لصحيفة نيويورك تايمز.
خلال الشهر الماضي، قامت قاذفات بعيدة المدى صينية وروسية بدوريات مشتركة قرب ألاسكا للمرة الأولى.
هذه الدوريات كانت بمثابة رسالة واضحة لواشنطن مفادها أن البلدين مستعدان لتحدي السيطرة الأمريكية حتى في المناطق التي تعتبرها الولايات المتحدة ذات أهمية استراتيجية قصوى.
إضافة إلى هذه الدوريات، أجرت الصين وروسيا تدريبات بحرية مشتركة في بحر الصين الجنوبي، وهي منطقة شديدة التوتر وميدان لدول متنافسة.
هذه التدريبات كانت الأولى من نوعها منذ ثماني سنوات، وتأتي في وقت تسعى فيه بكين لتعزيز هيمنتها على المنطقة، في تحدٍ صريح للقوانين الدولية والتحالفات العسكرية الأمريكية في آسيا.
ألاسكا
إحدى التدريبات المشتركة الأخيرة بين الصين وروسيا تضمنت دوريات جوية باستخدام قاذفات قادرة على حمل رؤوس نووية بالقرب من ألاسكا.
هذه القاذفات انطلقت من قاعدة جوية روسية، مما سمح للطائرات الصينية بالاقتراب من الساحل الأمريكي لمسافة لم تكن ممكنة لو انطلقت من الصين نفسها.
حاكم ولاية ألاسكا، مايك دنليفي، كان قد نبه إلى أن قرب ألاسكا من النقاط الساخنة دولياً مثل آسيا والقطب الشمالي، يجعلها عنصراً حاسماً في أي نزاعات عسكرية مستقبلية.
ويؤكد أنه في حال نشوب صراع في آسيا، فستكون ألاسكا "للأسف جزءاً منه"، مشيراً إلى أن القواعد العسكرية في الولاية من المرجح أن تصبح مراكز رئيسية لنشر القوات الأمريكية.
وأبرز الحاكم دور الولاية في الدفاع الصاروخي، موضحاً أن صواريخ ألاسكا الاعتراضية حيوية في التصدي للتهديدات الصاروخية الكورية، مؤكداً جاهزية الولاية للتعامل مع التوترات الإقليمية المتصاعدة.
بحر الصين الجنوبي
على مقربة من سواحل الفلبين، تتفاقم التوترات بين الصين والفلبين بسبب النزاع حول شعاب "سيكوند توماس" المرجانية.
ويسود قلق كبير من أن يؤدي اشتباك بين سفن الصين والفلبين هناك إلى سقوط ضحايا، مما قد يدفع الفلبين لتفعيل معاهدة الدفاع المشترك مع الولايات المتحدة، وهو سيناريو قد يفضي إلى كابوس حرب بين الولايات المتحدة والصين، وفقاً لتقرير صحيفة نيويورك تايمز.
ويعد بحر الصين الجنوبي من أكثر البحار إنتاجية في العالم من حيث الثروة السمكية، كما أنه يضم ممرات شحن تنقل نحو ثلث التجارة البحرية العالمية.
وتشير الدراسات إلى احتمال احتواء البحر على احتياطيات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي.
لماذا تتدرب روسيا والصين؟
بحسب التقرير فإن السبب وراء ذلك هو سعي الصين وروسيا لتعزيز تعاونهما العسكري من خلال التدريبات المشتركة لتحدي الولايات المتحدة وتحالفاتها، كجزء من استراتيجية أوسع لمواجهة النفوذ الغربي في منطقة المحيط الهادئ.
وفي السنوات الأخيرة، ازدادت متانة التحالف بين الصين وروسيا على خلفية تصاعد الخلافات بين كل من بكين وموسكو من جهة، وواشنطن من جهة أخرى. فالتدريبات أصبحت ضرورية للاستعداد لأي مواجهة محتملة في المستقبل.
الصين، التي باتت تشعر بالاستياء من القيود التجارية الأمريكية ومن تقوية واشنطن لتحالفاتها الأمنية في آسيا، وجدت في روسيا حليفاً استراتيجياً يمكنه مساعدتها في مواجهة هذا الضغط.
في المقابل، تجد روسيا في الصين دعماً حيوياً لمواصلة عملياتها العسكرية في أوكرانيا.
التحديات أمام واشنطن
التعاون العسكري بين الصين وروسيا لا يشكل فقط تحدياً تقليدياً للولايات المتحدة، بل يثير أيضاً، وفقاً لتقرير صحيفة نيويورك تايمز، تساؤلات حول قدرة واشنطن على التصدي لمثل هذا التحالف في حال اندلاع صراع كبير في آسيا.
والسيناريوهات التقليدية التي كانت تعتمد على مواجهة الصين أو روسيا بشكل منفرد لم تعد كافية، تقول الصحيفة.
واليوم، يتعين على المخططين العسكريين الأمريكيين النظر في احتمال تعاون البلدين، وكلاهما يمتلك أسلحة نووية، في مسرح عمليات واحد، وفق ما يشير تقرير نيويورك تايمز.