جهود مكثفة تبذل على أكثر من صعيد للحؤول دون انزلاق ليبيا إلى حرب أهلية جديدة، بعد بروز مؤشرات على إمكانية الاتجاه نحو استعمال المواجهات المسلحة كأداة أخيرة لتحريك الأوضاع المجمدة نتيجة استمرار العجز على حلحلة الأزمة وتجاوز حالة الانقسام. وبينما نقل عضو المجلس الرئاسي، موسى الكوني، رسالة إلى الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقي.
تتضمن دعوة للعمل على مساعدة الليبيين على تلافي العودة لمربع الصراع الدموي، أعلنت بعثة وسفارات دول الاتحاد الأوروبي لدى ليبيا، الانضمام إلى بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في قلقها العميق إزاء الإجراءات الأحادية الجانب التي اتخذتها مؤخراً جهات فاعلة ومؤسسات سياسية ليبية في أنحاء البلاد، معتبرة أن هذه الإجراءات تزيد من حدة التوترات القائمة وتعمق الانقسامات المؤسسية وتعرقل التقدم نحو المصالحة الوطنية.
وحث البيان الأوروبي المشترك، جميع الأطراف الليبية المعنية على تغليب مصالح ليبيا ومواطنيها على الأجندات الفردية أو الفئوية طبقاً للاتفاق السياسي الليبي وتعديلاته وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ذات الصلة، لافتاً إلى أن هذا الوقت الحرج يقتضي الحوار والتسوية والتهدئة.
وجاء البيان الأوروبي بعد أن أعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنها تتابع بقلق الإجراءات الأحادية من جانب أطراف ومؤسسات ليبية سياسية وفاعلة في شرق البلاد وغربها وجنوبها، مشيرة إلى أنه وفي ظل المناخ القائم تفضي هذه الأفعال الأحادية إلى تصعيد التوتر وتقويض الثقة والإمعان في الانقسام المؤسسي والفرقة بين الليبيين، فيما تبرز الآن أكثر من أي وقت مضى، ضرورة التوافق والحوار ووحدة الصف الليبي.
وشهدت ليبيا خلال الأيام الماضية، تحركات ميدانية في المنطقة الغربية، مع تشكل نذر العودة لصراع كسر العظم بين الفرقاء الأساسيين، وظهور تحالفات جديدة أبرزها تلك التي باتت تجمع جماعات مسلحة في طرابلس والجيش الوطني حول هدف الإطاحة بالسلطات الانتقالية الحالية وتشكيل حكومة موحدة تتولى إدارة شؤون البلاد وتهيئة الظروف الملائمة لتنظيم الانتخابات.
تحديات كبرى
ويرى مراقبون أن الوضع العام في ليبيا يمر بتحديات كبرى، لا سيما بعد إعلان مجلس النواب إنهاء ولاية حكومة الوحدة الوطنية التي يرأسها عبدالحميد الدبيبة، وسحب صفة القائد الأعلى للقوات المسلحة من المجلس الرئاسي، بما يعني انسحاب سلطات المنطقة الشرقية من الاتفاق السياسي الناتج عن ملتقى الحوار الوطني المنعقد بتونس في نوفمبر 2020، ومن مخرجات اتفاق الصخيرات الموقع في ديسمبر 2015.
كما أن حالة الانقسام في مجلس الدولة، ومحاولات الإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي، وإعلان أمراء الحرب في مصراتة عن إحياء المجالس العسكرية، وظهور تصدعات في جبهة الميليشيات المسيطرة على المنطقة الغربية، يطرح الكثير من الأسئلة حول ما يمكن أن تشهده البلاد من انزلاق لمربع العنف، بما يشكل خرقاً لاتفاق جنيف لوقف إطلاق النار الموقع في أكتوبر 2020.
في الأثناء، طالبت وزارة الخارجية في الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، جميع الدول العربية والأجنبية بنقل سفاراتها وممثلي الهيئات والمؤسسات الدبلوماسية والدولية إلى بنغازي التي تنعم بالأمن والأمان والاستقرار، في ظل الظروف الأمنية غير المستقرة في طرابلس، على حد وصفها.
جهود للتوافق
وكانت البعثة الأممية، سعت منذ أيام لتذكير جميع القيادات السياسية والمؤسسات المختلفة بالتزاماتهم بموجب الاتفاق السياسي الليبي وتعديلاته على نحو يتسق مع جميع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرار 2702 الصادر في العام 2023.
وأكدت أنها ستواصل مشاوراتها التي تجريها حالياً مع القادة الليبيين والأطراف الإقليمية، بغية التوصل إلى توافق والدفع بالجهود الكفيلة بإنهاء الجمود السياسي القائم، كما أنها حريصة على تيسير عملية سياسية تتحرى الشمول وتفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية ذات مصداقية، مناشدة الأطراف الليبية كافة تبني الحوار والتوصل إلى حلول وسط على نحو يصب في مصلحة جميع الليبيين.