اشتد أوار الحرب بين إسرائيل و«حزب الله» عبر سلسلة من الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت وأخرى في الجنوب، أسفرت عن قتلى وجرحى، قابلها ردٌ بقصف شمال إسرائيل بعشرات الصواريخ، في تطورات متسارعة أثارت قلق العالم ورعبه من «الحرب الشاملة».
وللمرة الثالثة خلال أيام، شنت إسرائيل سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت معقل «حزب الله»، في استهداف مبنى من 6 طوابق في منطقة الغبيري. وأكد الجيش الإسرائيلي في بيان، أنه نفذ ضربة محددة الهدف في بيروت.
وأعلن أنه قتل قائد شبكة الصواريخ في «حزب الله» إبراهيم محمد القبيسي، في غارة على الضاحية الجنوبية. وشاهد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية، دماراً في طابقين من مبنى يقع في شارع سكني مكتظ في الغبيري وعدداً من السيارات المتضررة.
وأعلنت إسرائيل أنها تكثف غاراتها الجوية على لبنان. وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هاليفي: يجب ألا نترك «حزب الله» للاستراحة، يجب أن نستمر بكل قوتنا. وأكد أنه سيجري تكثيف الضغوط وأنه سيجري إرسال المزيد من القوات.
وأفاد الجيش بأن الطيران الإسرائيلي ضرب أهدافاً لحزب الله في جنوب لبنان، بما في ذلك منصات إطلاق، ومواقع بنية تحتية، و«مبان تحتوي على أسلحة». وأظهرت مقاطع فيديو سحباً كثيفة من الدخان في بلدية الغبيري في الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت. وأفادت وزارة الصحة اللبنانية بأن 6 أشخاص قتلوا وأُصيب 15 آخرون في الغارة على منطقة الغبيري.
في الأثناء، شن «حزب الله» هجمات إضافية على مستوطنات ومدن الشمال. وذكر الجيش الإسرائيلي أن أكثر من 50 قذيفة أطلقت من لبنان نحو مناطق مختلفة في الشمال. وأفاد بأنه تم اعتراض معظم القذائف، وتم تحديد سقوط عدد منها في المنطقة، من دون تسجيل إصابات.
وقال «حزب الله» إنه استخدم الصاروخ الجديد «فادي 3» في هجوم على قاعدة عسكرية إسرائيلية. وأضاف الحزب في رسالة عبر تلغرام: دعماً لشعبنا الفلسطيني في قطاع غزة، ودفاعاً عن لبنان وشعبه، قصف عناصرنا قاعدة شمشون مركز تجهيز قيادي ووحدة تجهيز إقليمية بصواريخ «فادي 3»، كما أعلن الحزب استهداف مستوطنة كريات شمونة بالصواريخ.
وحذر الحزب من منشورات تلقيها إسرائيل على مناطق في شرق لبنان تتضمن رمز مسح إلكتروني (كيو آر كود) قال إنه خطير جداً، داعياً السكان إلى إتلافها.
وقال الحزب: يقوم الإسرائيليون بإلقاء منشورات عليها (باركود) في مناطق البقاع، داعياً السكان إلى عدم فتح الباركود أو تداوله بل وإتلافه باعتباره خطيراً جداً يقوم بسحب كل المعلومات.
رسالة
بدوره، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن إسرائيل ستواصل قصف أهداف «حزب الله»، داعياً اللبنانيين إلى التخلص من قبضة الأمين العام للحزب حسن نصر الله. وذكر في قاعدة عسكرية في مكان لم يكشف عنه، أن «الجيش عثر على ذخيرة في منازل مدنية. أي شخص لديه صاروخ في غرفة معيشته وصاروخ في مرآبه لن يكون له منزل».
ومددت السلطات اللبنانية، أمس، إغلاق المدارس والجامعات والحضانات حتى نهاية الأسبوع. وأعلن وزير التربية، عباس الحلبي، في بيان، تمديد إغلاق المدارس والثانويات والمعاهد والمدارس.
فضلاً عن الجامعة اللبنانية ومؤسسات التعليم العالي الخاصة في المناطق اللبنانية كافة حتى نهاية الأسبوع الجاري، بالتزامن مع الإعلان عن أغلاق جميع حضانات الأطفال حتى نهاية الأسبوع على جميع الأراضي اللبنانية.
مخاوف أممية
وأعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ حيال التصعيد العسكري بين إسرائيل و«حزب الله»، مؤكدة أن عشرات آلاف الأشخاص فروا من العنف. وقال ماثيو سالتمارش ناطقاً باسم مفوضية الأمم المتحدة للاجئين خلال مؤتمر صحافي في جنيف:
نحن قلقون للغاية من التصعيد الخطير للهجمات الذي شهدناه، أُجبر عشرات آلاف الأشخاص على مغادرة منازلهم، وعددهم يزداد باستمرار، الوضع مقلق للغاية، إنه فوضوي جداً، الثمن الذي يدفعه المدنيون غير مقبول. بدوره، قال ممثل منظمة الصحة العالمية في لبنان، عبدالناصر أبو بكر، للصحافيين، إن المستشفيات واجهت ضغطاً جنونياً في التعامل مع أعداد الجرحى منذ الأسبوع الماضي.
من جهتها، قالت الناطقة باسم المفوضية العليا لحقوق الإنسان، رافينا شمداساني: إنه وضع غير طبيعي، عندما يكون لديك أشخاص يخسرون عيونهم وعندما تكون لديك مستشفيات غير قادرة على التعامل مع حجم عمليات البتر التي تحتاج للقيام بها، إنه وضع غير طبيعي على الإطلاق.
مشيرة إلى أن المفوضية تشعر بقلق بالغ إزاء التصعيد الحاد للأعمال العدائية بين إسرائيل وحزب الله، داعية كل الأطراف إلى الوقف الفوري للعنف وضمان حماية المدنيين.
إلى ذلك، نددت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) بتداعيات الحرب على الأطفال في لبنان. وقالت نائبة ممثل اليونيسف في لبنان، إيتي هيغينز، من بيروت: نحذر اليوم من أنه من شأن أي تصعيد إضافي في هذا النزاع أن يكون كارثياً تماماً لجميع الأطفال في لبنان، هذا العنف يجب أن يتوقف فوراً، وإلا فإن العواقب ستكون غير مقبولة.