
في الأسبوع الماضي كتبت مقالا بعنوان زلازل سياسية أمريكية تهز العالم، قيل لي في حينه في (خميسية ناصر الجيدة) إن الرئيس ترامب سوف يكون عقلانيا أكثر مما كان في رئاسته الأولى، وانشغل رواد المجلس بالحديث عن ترامب بين متفائل ومتشائم والبعض متشائل كان رأيه أن ترامب أحمق، أرعن، مشحون بقوة أمريكا المادية والعسكرية وأنه سيربك العالم وقد يجره إلى أزمات أمنية وسياسية واقتصادية كارثية..
(2 )
اليوم وبعد كل ما حدث من تصريحات وأوامر تنفيذية أصدرها ترامب بشأن حزمة من القضايا الدولية (كندا والمكسيك وبنما والدنمارك والصين وجنوب أفريقيا وتهجير الفلسطينيين من وطنهم الأصلي وروسيا ومنظمة أوبك وأوروبا العجوز، ومجموعة البريكس، ومجموعة شانغهاي... إلخ) أهمها عندي تصريحاته عن التهجير وأن غزة العزة لم تعد صالحة لحياة الإنسان!! "إنها نظرية الدخان والمرايا".
الرأي عندي أن الرئيس دونالد ترامب يريد إرباك السياسيين عامة والإعلاميين عبر العالم وإشغالهم في مناقشات خططه وتصريحاته لكي يصرف أنظارهم عن مخططاته في الضفة الغربية وسوريا ولبنان وعن الصراع الداخلي بين الصهاينة وعن صمود الشعب الفلسطيني ومعاناته رغم حرب الإبادة الجماعية إلى جانب أمور أخرى.
ترامب عند وعده بتوسيع المجال الحيوي لإسرائيل على حساب الجوار العربي (سوريا ولبنان والأردن ومصر وأخيرا السعودية).
كل البيانات العربية الرسمية التي صدرت حتى الآن ليست بيانات رادعة لجموح ترامب وإدارته المتوحشة كما فعل الكنديون والمكسيكيون والصينيون لم يدع بشكل فوري لقمة عربية عاجلة لتدارس ما يخطط لأمتنا العربية، كما فعل قادة الاتحاد الأوروبي الذين عقدوا مؤخرا وبصفة عاجلة اجتماعا لصياغة رد موحد ورادع على مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه عدد من القضايا. الزعماء العرب على وجه التحديد انجروا وغيرهم يرددون مصطلح "لا يجوز تهجير سكان غزة بالقوة" ولكنهم لم يحددوا موقفهم من تسهيل التهجير الاختياري، والتهجير الاختياري سيتم بتضييق سبل الحياه على سكان غزة بمنع الإمداد والتموين الإنساني.
إن عدم توفير مساكن مجهزة ومياه صالحة للشرب وطبابة لمرضاهم بعد أن دمرت إسرائيل مستشفياتهم وكل ممتلكاتهم من شمال غزة إلى جنوبها إجبار على التهجير. وتنفيذا لهذا المشروع "التهجير الاختياري" أقدمت إسرائيل مؤخرا للإخلال باتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى الذي تم في الدوحة في 15 يناير الماضي والذي من بين بنوده فتح المعابر وإدخال المساعدات الإنسانية والحياتية إلى غزة عامة إلا أن إسرائيل عملت مؤخرا على الحد من دخول الشاحنات الحاملة للمساعدات الإنسانية المتفق عليها بشكل يومي (600 شاحنة) مساعدات إنسانية و50 شاحنة محملة بالوقود. إسرائيل لم تسمح في اليومين الأخيرين إلا بدخول أقل من 200 شاحنة يوميا وهذا لا يغطي 2 % من احتياجات سكان غزة. المفروض وصول "كبائن" سكنية وخيام عددها 200 ألف خيمة لكل قطاع غزة والمتوفر منها 5000 خيمة للسكان الذين دمرت منازلهم ولم يتم ذلك، منع الطواقم الطبية والأجهزة الطبية والأدوية ومولدات الكهرباء من دخول شمال غزة وشاحنات الغاز. كذلك ينص اتفاق الدوحة بين حماس وإسرائيل المشار إليه أعلاه على السماح لخروج 300 جريح لتلقي العلاج في خارج غزة ولم تسمح إلا لـ 38 جريحا غالبيتهم أطفال.
(3)
الرئيس ترامب يريد تهجير السكان الفلسطينيين من أرضهم إلى أراضي الغير بهدف إحلال الأمن والسلام في منطقة الشرق الأوسط كما يدعي، ولتحقيق ذلك الهدف (السلم والأمن) كان حريا به ورحمة باليهود الصهاينة أن يرد ستة ملايين يهودي الذين هاجر آباؤهم إلى فلسطين بعد نهاية الحرب العالمية (الأوروبية) الثانية عام 1945 إلى أوطانهم الأصلية في أوروبا ومنهم على سبيل المثال الوزير بتسلئيل سموتريتش الإرهابي الذي هاجرت أسرته من أوكرانيا والذي اسمه مشتق من نهر يسمى "سموتريتش" يقع بين روسيا ورومانيا. وكذلك هرتسي هاليفي قائد أركان الجيش الإسرائيلي والمهاجرة أسرته من روسيا إلى فلسطين، ونتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية الحالية هاجرت أسرته إلى فلسطين من بولندا، وكذلك رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إسحاق شامير مهاجر من بولندا إلى فلسطين ووزير الدفاع الإسرائيلي الحالي إسرائيل كاتس من أسرة مهاجرة إلى فلسطين من رومانيا وغيرهم ملايين.
الرئيس ترامب أصدر أمرا تنفيذيا برد المهاجرين إلى بلاده أمريكا إلى أوطانهم الأصلية ومن بينهم 13224 مهاجرا عربيا حرصا على سعادة وأمن الشعب الأمريكي وعليه أن يصدر ذات الأمر بالنسبة للمهاجرين اليهود إلى فلسطين، لكي يحل السلام والأمن في الشرق الأوسط عامة والعالم فلا بد من حل مشكلة اليهود في فلسطين بعودتهم إلى أوطانهم الأصلية لا بتهجير الفلسطينيين أصحاب الأرض وخاصة ما يعرف بيهود الاشكناز وغيرهم من يهود أوروبا الشرقية..
(4)
مطلوب موقف عربي صادق بلا خوف ولا تردد يضع نهاية للصلف الأمريكي المتوحش ويضع نهاية للمطامع الصهيونية الإسرائيلية في الأراضي العربية. أمريكا وإسرائيل لن تستطيعا المس بحقوق العرب لو كانوا كتلة واحدة. إن أمنكم وسلامة أنظمتكم حكامنا الميامين تستمد من داخل أوطانكم من وحدة جبهاتكم الداخلية التي تبنى على مواقفكم الباسلة والعادلة في مواجهة من يريد بأمتنا وأوطاننا سوءا.
آخر القول: سيصل إليكم وزير خارجية أمريكا الجديد ماركو روبيرو في الأسبوع القادم بمشاريعه الغير عادلة، كونوا على قلب رجل واحد ضد مشاريعه التوسعية العدوانية من أجل أوطانكم وأمتكم رغم اختلافاتكم فالخطر الأمريكي الصهيوني محيط بكم وبأوطانكم وأمتكم. والله معكم.