أسهم الظل تتألق .. فهل تتفوق البنوك على عمالقة التكنولوجيا؟

{title}
همزة وصل   -
سمعنا كثيراً عن «السبع الكبار» .. إنها مجموعة كبرى شركات التكنولوجيا الأمريكية التي استحوذت على اهتمام المستثمرين، باعتبارها الفرصة الاستثمارية الأبرز في السوق. لكن المثير للاهتمام أن هناك أسهماً أخرى .. أقلّ شهرةً وجاذبيةً إعلاميةً، لكنها تحقق أداء يتفوق على هذه المجموعة.
في ظل هذه المعطيات، ربما يكون من الحكمة توسيع نطاق الاهتمام إلى «السبع والأربعين الكبار».
ووفقاً لبيانات مؤسسة «بلومبرغ»، حقق مؤشر «ستوكس 600» للبنوك، الذي يتتبع أداء 47 من كبرى البنوك الأوروبية المدرجة، عائداً تجاوز 100% منذ بداية 2022، مع احتساب ارتفاع أسعار الأسهم والتوزيعات. في المقابل، حققت مجموعة «السبع الكبار» عائداً بنحو 90% خلال الفترة نفسها.
وتكشف هذه الإحصائية عن حقيقة مهمة، وهي أهمية اختيار الفترة الزمنية المناسبة عند تحليل أداء الأسهم. فعندما ننظر إلى الأداء منذ بداية عام 2015، نجد أن عوائد قطاع البنوك لم تشهد تغيراً يذكر، في حين حققت مجموعة الشركات السبع الكبرى عوائد هائلة بلغت 2600%.
ومع ذلك، فإن هذه المقارنة تؤكد حقيقة مهمة للمستثمرين، وهي أن الأسهم ذات القيمة المنخفضة يمكن أن تستعيد قوتها وتعود للارتفاع مجدداً في أوقات معينة.
لكن هل سيستمر هذا الصعود؟ فبعد موجة الصعود القوية، يميل المستثمرون عادةً للتركيز على المخاطر والجوانب السلبية، إذ لا أحد يرغب في الشراء عندما تكون الأسعار في ذروتها، خاصة مع تزايد التحديات في السوق. فقد شهدت البنوك ارتفاعاً في 2022 لنفس السبب الذي أدى لتراجع أسهم شركات التكنولوجيا - وهو ارتفاع أسعار الفائدة. لكن مع عودة أسعار الفائدة للانخفاض حالياً، سيضغط ذلك على ربحية البنوك.
ومع ذلك، فمن المهم ملاحظة أن أسعار الفائدة لن تعود إلى مستويات الصفر. يتوقع خبراء السوق انخفاضاً تدريجياً في العائد على حقوق الملكية العادية من 12% في 2024 إلى 11.4% في 2025، ثم إلى 11.1% في 2026.
وبرغم هذا الانخفاض، تظل هذه المعدلات أعلى بالضعف مما حققته البنوك خلال معظم السنوات العشر الماضية.
ومن ناحية التقييمات، قد يبدو للوهلة الأولى أن أسهم البنوك وصلت إلى مستويات مرتفعة، حيث يتداول المؤشر قرب القيمة الدفترية، متجاوزاً متوسط العشر سنوات الماضية البالغ 0.7 مرة.
لكن كما يوضح أداء مجموعة «السبع الكبار»، فإن اختيار نقطة البداية المناسبة للمقارنة يحدث فارقاً كبيراً في التحليل. فقد عانت البنوك الأوروبية من مشاكل هيكلية لأكثر من عقد، وعند النظر على مدى زمني أطول، نجد أن متوسط نسبة السعر إلى القيمة الدفترية يقترب من 1.1 مرة.
وعند مقارنة تقييمات البنوك الأوروبية مع نظيراتها العالمية، نجد أن مؤشر «كي بي دبليو» للبنوك الأمريكية يتداول حالياً بقيمة تتجاوز القيمة الدفترية بنحو 50%، في حين يتداول مؤشر «إم إس سي آي» العالمي للبنوك عند 1.2 مرة القيمة الدفترية. وتتكرر هذه الاتجاهات عند مقارنة البنوك على أساس نسبة السعر إلى الأرباح.
وثمة مؤشر مهم آخر يجب مراعاته وهو قدرة هذه البنوك على تقديم عوائد نقدية للمساهمين. فعند احتساب توزيعات الأرباح وبرامج إعادة شراء الأسهم معاً، نجد أن القطاع المصرفي يقدم حالياً عائداً إجمالياً يقترب من 10%، وهو معدل يتجاوز بكثير المتوسط التاريخي. وهذا العائد المرتفع يدعم مستويات التقييم الحالية.
ومن المهم الإشارة إلى أن الارتفاع الكبير في أسهم البنوك خلال السنوات القليلة الماضية جاء من نقطة بداية منخفضة للغاية.
ومع التغيرات الحالية في بيئة أسعار الفائدة، وحالة عدم اليقين المحيطة بمختلف القضايا من الحروب التجارية إلى الانتخابات المحلية، سيكون من المستغرب أن تتمكن هذه الأسهم من الحفاظ على نفس وتيرة الارتفاع القوية التي شهدتها في السنوات الأخيرة. ومع ذلك، لا يزال هناك مجال للتوسع والنمو قبل أن تصل التقييمات إلى مستويات مبالغ فيها بشكل كبير.
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير