ما المعادن النادرة التي يسعى ترامب للحصول عليها من أوكرانيا؟

{title}
همزة وصل   -
نقلة نوعية تشهدها العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة وأوكرانيا، بعقد الاتفاقية الاستراتيجية الجديدة التي ترتكز على استثمار الموارد الطبيعية المعدنية المهمة. يتوقع لهذه الاتفاقية أن تُسهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الأميركي، خاصة في مجال التكنولوجيا والابتكار، فيما تأتي في وقت حساس بالنسبة لأوكرانيا المنهكة، والتي تسعى إلى إعادة بناء اقتصادها بعد توقف الحرب مع روسيا.
لم يكن إصرار الرئيس الأمريكي على إتمام اتفاقية المعادن عبثياً، بل جاء من منظور جيوسياسي يعبر فوق الاستراتيجية الاقتصادية قصيرة المدى، ويمنح الولايات المتحدة التحكم في أهمّ تلك المعادن النادرة التي تدخل في صناعة الإلكترونيات، والسيارات الكهربائية، والطاقة المتجددة، والأسلحة.
يبرز الآن سؤالان يتمحوران حول ماهية تلك المعادن التي ستشكل محور الاتفاقية؟ وكيف ستؤثر في الاقتصاد العالمي؟
ووفقاً للتقارير الدولية التي أوردتها وكالة بلومبرغ والتقرير السنوي للمعادن الاستراتيجية 2023، فإن المعادن الأكثر تأثيراً في الاتفاقية هي:
التيتانيوم:
يعد التيتانيوم من المعادن الاستراتيجية التي تتمتع أوكرانيا بموارد كبيرة منها، وتُستخدم هذه المادة في صناعة الطائرات، والمحركات النفاثة، والأجهزة الفضائية، وتُعتبر مادة حيوية في صناعة الأسلحة المتطورة.
ووفقًا لتقرير وكالة المعادن الدولية 2023، تشير الإحصائيات إلى أن أوكرانيا تحتل المرتبة الثالثة عالمياً في إنتاج التيتانيوم، حيث تمثل 11.5% من الإنتاج العالمي في عام 2023، ما يعزز من فرص تعاونها مع أميركا، ويُتوقع أن تعزز الاتفاقية هذه النسبة في السنوات القادمة.
النيكل:
يُعد النيكل من المعادن الأساسية في صناعة البطاريات الكهربائية، وبخاصة تلك المستخدمة في السيارات الكهربائية، وتشير الإحصاءات العالمية لعام 2023 إلى أن أوكرانيا تملك احتياطياً كبيراً من النيكل يُقدر بنحو 6.5 ملايين طن، ما يجعلها من المصادر الأساسية لهذه المادة على المستوى العالمي.
وبحسب تقرير وكالة المعادن الاستراتيجية 2023، الولايات المتحدة تسعى للتوسع في إنتاج السيارات الكهربائية، وباستحواذها على حصة كبيرة من هذا المعدن ستستفيد كثيراً.
الليثيوم:
مع تزايد الاعتماد على التكنولوجيا الخضراء والطاقة المتجددة، يُعد الليثيوم واحداً من أهم المعادن المستخدمة في تصنيع البطاريات عالية الكفاءة، ووفقًا لتقرير وكالة المعادن العالمية 2023، تمتلك أوكرانيا احتياطات ضخمة من الليثيوم، ووفقًا لشركة أوكريس مينرالز الأوكرانية، يمكن لأوكرانيا أن توفر أكثر من 20% من احتياجات أميركا المستقبلية من هذا المعدن.
الجرمانيوم:
يُعد الجرمانيوم معدناً نادراً يتم استخدامه في تصنيع أجهزة الحاسوب والهواتف الذكية، وكذلك في مجال الفضاء والاتصالات. وفقًا لدراسات شركة "أرخام إنتليجينس 2023"، فإن أوكرانيا تمتلك احتياطات ضخمة من الجرمانيوم التي يمكن أن تغطي أكثر من 15% من الطلب العالمي في المستقبل القريب، وهو ما يمثل فرصة كبيرة للولايات المتحدة، لتعزيز قدراتها في هذه الصناعات.
الغاليوم:
يُستخدم الغاليوم في صناعة أشباه الموصلات، وهو عنصر حيوي في صناعة التكنولوجيا الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة المتقدمة.
وتشير إحصاءات وكالة المعادن العالمية 2023 إلى أن أوكرانيا تمتلك مخزونات كبيرة من الغاليوم، التي تُمثل 18% من احتياطات العالم، ما سيعزز قدرة أميركا على الاستمرار في ريادتها في قطاع التكنولوجيا.
ولكن كيف ستستفيد واشنطن من الاتفاقية؟
ببساطة، هذه المعادن التي سيتم الحصول عليها من كييف ستكون ضرورية لتعزيز صناعة الإلكترونيات الأميركية، ما يسهم في حماية أمنها السيبراني وتقليل الاعتماد على الدول الأخرى.
وبحسب تقرير وزارة التجارة الأميركية لعام 2023، يُتوقع أن تسهم هذه المعادن في رفع الإنتاج الصناعي الأميركي بنسبة تصل إلى 8% في 2025.
التوسع في صناعة السيارات الكهربائية:
مع تزايد الطلب على السيارات الكهربائية في أميركا، ستسهم المعادن مثل النيكل والليثيوم في تسريع عملية التحول إلى الطاقة الخضراء، وتُظهر إحصاءات وزارة الطاقة الأميركية أن واشنطن تتوقع زيادة إنتاج السيارات الكهربائية بنسبة 25% في السنوات القادمة، ما يعكس دور هذه المعادن في دعم هذا القطاع.
دعم الابتكار في الصناعات العسكرية:
تُمثل معادن مثل التيتانيوم والجرمانيوم مكونات أساسية في صناعة الأسلحة المتطورة، ما يعزز من قدرة أميركا على الحفاظ على تفوقها العسكري، ووفقًا لتقرير الجيش الأميركي 2023، يُتوقع أن تُسهم هذه المعادن في تحسين قدرة الولايات المتحدة على تطوير أنظمة دفاعية متقدمة. وتُعد الاتفاقية التي يتم التفاوض عليها بين أوكرانيا وأميركا بمثابة خطوة استراتيجية تعكس التوجهات المستقبلية لكلا البلدين في مجال الاقتصاد والتكنولوجيا.
المعادن النادرة التي تمتلكها أوكرانيا ليست مجرد مورد اقتصادي، بل هي بوابة لتحفيز صناعات حيوية في الولايات المتحدة، بما في ذلك تكنولوجيا الفضاء، صناعة السيارات الكهربائية، والابتكار العسكري.
ومن خلال هذه الشراكة، يمكن لأميركا أن تعزز قدرتها على تطوير التكنولوجيا الحديثة التي ستمكنها من التفوق على منافسيها العالميين، ما يسهم في تعزيز قوتها الاقتصادية والأمنية في السنوات المقبلة، وبحسب تقديرات معهد الطاقة العالمي 2023، من المتوقع أن تحقق هذه الاتفاقية زيادة بنسبة 15% في الاستثمار في قطاع المعادن الاستراتيجية في أميركا خلال العقد القادم.
ويبقى التساؤل الرئيسي: كيف ستؤثر هذه المعادن الاستراتيجية في علاقة الولايات المتحدة مع دول أخرى، خصوصاً مع تطور الطلب على المعادن النادرة في ظل تزايد الاهتمام بالتكنولوجيا المتقدمة؟
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير