
قد تكون السيارات والهواتف الذكية من بين أكبر صادرات كوريا الجنوبية إلى الولايات المتحدة، إلا أن قليلًا من المنتجات يثير ولاءً وتفاعلاً كبيرين كما تفعل منتجات التجميل الكورية، ومصطلح "K-beauty يشمل مجموعة واسعة من منتجات العناية بالبشرة، والمكياج، ومستحضرات التجميل من كوريا الجنوبية والتي طالما يُشاد بجودتها وقيمتها، مما أدى إلى ارتفاع الطلب عليه بشكل متزايد في السنوات الأخيرة.
ساعدت الشعبية العالمية للثقافة الكورية على دفع شهرة منتجات التجميل الكورية، وفقًا لتقديرات الصناعة، أنفق الأمريكيون حوالي 1.7 مليار دولار على منتجات K-beauty في عام 2024، وهي زيادة 50% مقارنة بالعام السابق.
وفقًا لتقرير صادر عن شركة "سترايتس" للأبحاث والاستشارات، يشهد سوق "المنتجات الكورية للعناية بالبشرة" نموا سريعا، و من المرجح أن يرتفع إلى 18.32 مليار دولار بحلول عام 2030.
واستفادت العلامات التجارية الكورية من تأثير المشاهير في مجال «الكي بوب»، والدراما الكورية، ما ساهم في تعزيز مكانتها عالمياً، فقد أصبح نجوم فرق كورية، وممثلون؛ سفراء غير رسميين لـ«البشرة الزجاجية» المثالية، حيث أظهرت البيانات أن صادرات مستحضرات التجميل الكورية وصلت إلى 10.2 مليارات دولار في 2024، مع زيادة ملحوظة بالأسواق الأميركية، واليابانية.
الابتكار
من أهم أسباب رواج منتجات التجميل الكورية، هو تركيزها على الابتكار. وتشتهر العلامات التجارية الكورية، للعناية بالبشرة، بتقديم مكونات جديدة، مثل: مخاط الحلزون، وماء الأرز المخمر، ونبات «السنتيلا» الآسيوي، قبل فترة طويلة من انتشارها في أماكن أخرى. وتُمزج هذه المكونات في تركيبات خفيفة ولطيفة، مصممة للاستخدام على طبقات، ما يتماشى مع روتين العناية بالبشرة الكوري الشهير، المكون من 10 خطوات.
ووفقًا لتقرير صادر عن شركة «مينتل» (2022)، أشار أكثر من 60% من المستهلكين إلى أن ابتكار المنتجات سبب رئيسي لتجربة علامات التجميل الكورية، وبالنسبة للباحثات عن عناية بالبشرة فعالة ومبتكرة، فإن هذا المستوى من الابتكار يجعل منتجات التجميل الكورية استثمارًا جديرًا بالاهتمام.
هذا النمو المستمر لا يثير الدهشة، خاصة مع الإقبال الكبير على هذه المنتجات التي أصبحت من بين الأكثر شهرة وترويجًا على منصة "تيك توك" بالتزامن مع فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضريبة استيراد بنسبة 15% على البضائع الكورية الجنوبية المتداولة بين سول وواشنطن.
وهذه النسبة أقل من الرسوم التي هدد ترامب بفرضها، والتي كانت تصل إلى 25%، إلا أن العديد من المستهلكين لا يغامرون ويشترون بحذر.
ارتفاع الطلب
ومن جانب اخر شهدت شركة Santé Brand، وهي بائع تجزئة لمنتجات K-beauty في الولايات المتحدة، ارتفاع الطلب بشكل كبير، إذ زادت الطلبات بنسبة تقارب 30% في أبريل الماضي ، مباشرة بعد إعلان ترامب عن فرض رسوم جمركية واسعة على معظم واردات العالم.
قالت شايان وير، لفى المديرة والمؤسِسة لشركة Santé Brand، تقرير نشرته "بي بي سي" عندما أعلنت الضرائب، بدأ العملاء في اتخاذ استراتيجيات لمعرفة كيفية التعامل مع العاصفة". وأضافت: "المستهلكون يستعدون لمواجهة حالة عدم اليقين". ويضيف أن الشركة تتلقى تحذيرات من الموردين تدعو التجار إلى "تخزين المنتجات قبل فرض الضرائب".
وأضافت وير أن أي شخص يقول إن الأسعار ستبقى ثابتة خلال العامين المقبلين فهو ساذج"، كما ومن المرجح أن ترتفع مع ارتفاع التكاليف الناتج عن الرسوم الجمركية.
وتقول وير إنها لا ترى أن المنتجات الأمريكية بديلًا جذابًا حتى الآن. وتضيف: "أبحث غالبًا عن بدائل مصنوعة في أمريكا، لكنني لم أجد بعد أي منتجات فعالة مثل التي أستخدمها، لذلك لا أعتزم الاعتماد على المنتجات الأمريكية في الوقت الحالي".
ويقول الخبير الاقتصادي مونسيوب لي من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، إنه على الرغم من ارتفاع الأسعار، فإن شعبية الثقافة الكورية في العالم تضمن استمرار الطلب على منتجات K-beauty في الولايات المتحدة. ويضيف: "قد يُنفر المشترون العاديون من ارتفاع الأسعار، لكن المعجبين لن يجدوا بدائل سهلة".
وضع أفضل
ومن جانب آخر فإن العلامات التجارية الكبرى من منتجات K-beauty في وضع أفضل بكثير لتحمل تكاليف الرسوم الجمركية مقارنةً بمنافسيها الأصغر، وفقًا للمستشار التجاري من كوريا الجنوبية، إيال فيكتور مامو. وأضاف أن هذه الشركات الكبرى ستكون قادرة على تجنب ارتفاع الأسعار بشكل كبير لعملائها لأنها تتمتع بهوامش ربح أعلى.
لكن الشركات الصغيرة التي تصنع منتجاتها في كوريا الجنوبية ستواجه صعوبة في السيطرة على التكاليف، وفقًا لمامو، الذي أشار إلى أن "التأثير سيكون بعد فترة، حيث إن معظم المنتجات التي تُباع حاليًا تم طلبها بأسعارها الحالية، لكننا سنرى كيف يتطور الأمر قريبًا".
وفي الأيام الأخيرة، توصل الرئيس ترامب إلى اتفاقيات مع اليابان والاتحاد الأوروبي، بحيث تخضع صادراتهما إلى الولايات المتحدة لنفس الرسوم الجمركية البالغة 15% التي فرضت على كوريا الجنوبية.
وهذا يعني أن الدول التي تستضيف بعض أكبر علامات التجميل في العالم ستواجه نفس الرسوم التي تواجهها صناعة K-beauty.
ويُعدُّ هدف ترامب الأساسي من سياساته التجارية هو زيادة إنتاج السلع في أمريكا. ومع ذلك، يبقى السؤال هل سيؤدي هذا إلى تحول مشتريي الولايات المتحدة إلى منتجات التجميل الأمريكية أم لا.