رغم عدم استخدامها.. لماذا توضع أزرار على أكمام البدلات؟

{title}
همزة وصل   -
في عالم الأزياء الرجالية، كثيراً ما تُعد الأزرار المثبتة على أكمام سترات البدلات مجرد عنصر زخرفي بسيط، لكن خلف هذا التفصيل الصغير تقف قصة تمتد لقرون، تجمع بين الانضباط العسكري والتقاليد الاجتماعية والذوق الرفيع.
تشير مصادر تاريخية إلى أن أصل الأزرار على الأكمام يعود إلى الاستخدام العسكري في القرنين السابع عشر والثامن عشر، إذ يُقال إن شخصيات بارزة مثل الملكة إليزابيث الأولى ونابوليون بونابرت وفريدريك الثاني ملك بروسيا أمروا بوضع أزرار معدنية على أكمام الجنود لمنعهم من مسح وجوههم أو أنوفهم بأكمامهم، حفاظاً على نظافة الزي العسكري ومظهره الرسمي. ومع الوقت، أصبحت هذه الأزرار علامة على الانضباط والنظافة الشخصية.
وفي المقابل، تقدم نظرية أخرى تفسيراً أكثر مدنية لظهور الأزرار. فخلال القرن التاسع عشر، كان الرجال يرتدون السترات في جميع المواقف اليومية، سواء أثناء القراءة أو العمل أو السفر. ونظراً لأن خلع السترة في الأماكن العامة كان يُعتبر تصرفاً غير لائق اجتماعياً، أوجد الخياطون حلاً عملياً يسمح برفع الأكمام دون خلع السترة من خلال إضافة أزرار يمكن فكها وإغلاقها. وهكذا تحوّلت الأزرار إلى رمز يجمع بين العملية والأناقة.
أما اليوم، فقد فقدت معظم السترات الجاهزة هذه الوظيفة العملية، إذ تُخاط الأزرار غالباً لأغراض الزينة فقط. ويرجع ذلك إلى حرص شركات الأزياء على إنتاج سترات تناسب مختلف الأجسام، ما يجعل وجود فتحات عملية في الأكمام عائقاً أمام تعديل طولها بسهولة. ومع ذلك، لا تزال السترات المفصّلة حسب الطلب تحافظ على الأزرار العاملة، بوصفها علامة على الدقة والحرفية في التفصيل.
ويواجه عشاق الأناقة عادةً سؤالاً عند تصميم ستراتهم الخاصة: كم عدد الأزرار الأنسب؟
يُعدّ الخيار بثلاثة أزرار الأكثر عصرية وخفة، يناسب الإطلالات غير الرسمية والسترات الرياضية، بينما تمنح الأزرار الأربعة مظهراً أكثر رسمية وأناقة، خاصة في المناسبات أو أماكن العمل التي تتطلب مظهراً كلاسيكياً. وغالباً ما يُترك الزر الأخير مفتوحاً عمداً للدلالة على جودة العُرى اليدوية.
ورغم أن معظم الرجال اليوم لا يستخدمون تلك الأزرار عملياً، فإن وجودها لا يزال يرمز إلى تقاليد متجذّرة في تاريخ الأزياء الرجالية، حيث لم تكن السترة يوماً مجرد قطعة أنيقة، بل وسيلة عملية لحماية صاحبها أثناء العمل والحفاظ على مظهره المتقن في الوقت نفسه.
هكذا يثبت هذا التفصيل البسيط أن الأناقة ليست في المظهر فحسب، بل في القصة التي ترويها كل غرزة وكل زر، لتصبح سترة الرجل أكثر من مجرد لباس، بل امتداداً لتاريخ طويل من الحرفية والاحترام للتقاليد.
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير