همزة وصل -
في كل يوم يكشف لنا العلم جانبا جديدا من عظمة الخالق ودقّة صنعه، وبعض هذه الاكتشافات تُدهشنا لدرجة تجعلنا نقف متأملين قدرة الله التي لا حدود لها. من بين هذه العجائب، اكتشف العلماء مخلوقا بحريا صغيرا لا يتجاوز نصف بوصة، لكنه يحمل في جسده سرًا مذهلًا ، حيث يملك 24 عينا تعمل بتناغم مدهش، وتمنحه قدرات بصرية تفوق حجمه وبيئته بكثير.
هذا الكائن العجيب ليس مجرد إضافة جديدة لقائمة الكائنات البحرية، بل هو تذكير بقول الله تعالى: «صنع الله الذي أتقن كل شيء»، فكيف يمكن لمخلوق بهذا الحجم أن يحمل نظاما بصريا معقدا لم يستطع العلماء بعد فهمه بالكامل.
ففي اكتشاف علمي نادر ومدهش، أعلن فريق من الباحثين في جامعة هونغ كونغ المعمدانية عن العثور على نوع جديد من قناديل البحر يتمتع بميزة فريدة قد لا تتكرر في عالم الكائنات البحرية وهي امتلاكه 24 عينا كاملة تعمل بمهام مختلفة بشكل مذهل. هذا النوع، الذي أُطلق عليه اسم تريبيداليا مايبوينسيس (Tripedalia maipoensis)، تم العثور عليه في بركة روبيان داخل محمية ماي بو الطبيعية، خلال دراسات مكثفة قادها البروفيسور تشيو جيانوين.
هذا الكائن الصغير، الذي لا يتجاوز طوله نصف بوصة، ينتمي إلى عائلة القناديل الصندوقية المعروفة بأجسامها المكعبة وسلوكها الذكي نسبًا مقارنة بغيرها من القناديل. جرسه الشبه شفاف، الذي يبلغ عرضه حوالي 0.6 بوصة، يتخذ شكلا مكعبا تقريبا، ويتميّز عند كل زاوية بثلاث لوحات مسطحة تُعرف باسم بيداليا وهي هياكل مسطحة تشبه الزعانف أو المجاديف الصغيرة . هذه البيداليا تساعد القنديل على الدفع عبر الماء، وتُعد جزءا مهما من بنيته الحركية، إذ تتصل بمخالب دقيقة وطويلة قد يصل طولها إلى 4 بوصات رغم صغر حجم جسمه، وفقا لموقع" dailygalaxy".
لكن أكثر ما أثار دهشة العلماء هو تنوع وقدرات عيون هذا القنديل. فهو يمتلك 24 عينا موزعة على أربع مجموعات تُسمى rhopalia. في كل مجموعة، توجد عينان كبيرتان قادرتان على تكوين صورة حقيقية للبيئة المحيطة، بينما تعمل العيون الأخرى كأجهزة استشعار للضوء والظلام والاتجاهات. هذا التنظيم البصري المعقد يسمح للقنديل بالملاحة بدقة داخل بيئته المائية الضحلة، خاصة في المناطق المحاطة بالنباتات البحرية حيث يعتمد على الرؤية لتجنب العقبات والبحث عن الفريسة.
البروفيسور جيانوين أوضح في مقطع فيديو أن هذا القنديل يمتلك قاعدة مسطّحة تشبه مجداف القارب، وهو ما يميّزه عن الأنواع الشائعة من القناديل ذات الحركة السلبية. كما أشار إلى أن وجود ست عيون على جانبي الجسم يضيف طبقة إضافية من القدرات الحسية التي لم تُلاحظ من قبل في أنواع مشابهة.
ونُشرت نتائج هذا الاكتشاف في مجلة "Zoological Studies"، حيث اعتُبر هذا النوع إضافة مهمة لفهم تطوّر الرؤية لدى الكائنات البحرية وقدراتها على التفاعل مع البيئة.



