رغم أن العلاقات بين الأردن وإسرائيل مرت
بمراحل فتور وبرود شديدين خلال مراحل عديدة منذ توقيع اتفاقية السلام الا أن هذه
العلاقة قبل العدوان على غزة ستكون مختلفة عما ستكون بعد العدوان.
خلال هذه الحرب تحولت المخاوف والتحليلات
التي كان يراها البعض افتراضية حول مخططات الاحتلال في ملف التهجير من غزة الى مصر
أو من الضفة الى الأردن، تحولت هذه المخاوف الى مشروع سياسي تعلن إسرائيل توجهات
عملية لتحقيقه وخاصة في غزة حيث العمليات العسكرية الإسرائيلية هناك تخدم تنفيذ
المشروع.
وخلال هذا العدوان كان الأردن رأس الحربة
الدبلوماسية والسياسية في التصدي لإسرائيل وخطابها وروايتها، وايضا كان الأردن
النقيض وخط الدفاع السياسي في وجه طروحات إسرائيل فيما يتعلق بمستقبل غزة بشكل خاص
والقضية الفلسطينية بشكل عام.
وخلال العدوان كان الخطاب والموقف الرسمي
متصاعدا وعدوا حقيقيا للإجرام الصهيوني ومواقفه السياسية، بل إن الخطاب الرسمي
الذي عبر عن موقف الأردن كان حازما في اتخاذ مواقف تضعف أي مشاريع إقليمية مشتركة
مثل الطاقة والمياه، وايضا كان الحديث عن معاهدة السلام بأنها يمكن أن تتحول إلى
أوراق في الأرشيف، وكان الحديث واضحا جدا في وصف أي خطوة إسرائيلية لتهجير
فلسطينيي الضفة بأنه إعلان حرب، أي أن الأردن مستعد للعودة بالعلاقات مع إسرائيل
الى مرحلة الحرب والمواجهة العسكرية.
في سنوات سابقة كانت العلاقة بين الأردن
وكيان الاحتلال تصل الى توتر حول القدس او أي قضية أو في عهد حكومة وخاصة حكومات
نتنياهو الكثيرة والمتعاقبة لكن أي تحول في موقف إسرائيل كان يعود بالعلاقات الى
مربع الهدوء، لكن ماجرى منذ بدء العدوان على غزة أخذ العلاقات الى مربع مختلف جدا،
فإسرائيل اليوم في خطاب الدولة ولدى
الأردنيين تمثل خطرا على الدولة الأردنية، وتمثل تهديدا حقيقيا بما أعلنت من أفكار
ومخططات لغزة وتشمل الضفة للهوية الوطنية الأردنية وبنية النظام السياسي الأردني،
وهي اليوم في الخطاب الرسمي وقناعات الأردنيين عدو حقيقي لأنها حتى لو لم تقم
بتنفيذ التهجير في هذه المرحلة فإنها إن أتيحت لها الفرصة ستكون مستعدة لهذا.
حتى لو توقف العدوان اليوم فإن التحول في
موقع إسرائيل في العقيدة السياسية للدولة وايضا للناس ووضعها في دائرة الدول التي
تمثل خطرا على الأردن، خطر مصدره العقيدة السياسية لكيان الاحتلال وليس موقفا
عابرا لمسؤول في حكومة متطرفة.