بيت لحم تحيي الميلاد بحزن وصمت مع تكثيف إسرائيل قصفها في غزة

{title}
همزة وصل   -

همزة وصل بيت لحم: أحيت مدينة بيت لحم ليل الأحد عيد الميلاد، حسب التقويم الغربي، بحزن وصمت في ظل استمرار الحرب في غزة، حيث كثّفت إسرائيل عملياتها العسكرية في وسط القطاع وجنوبه مع إقرار رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بـ”الثمن الباهظ” الذي تتكبده.

وغابت مظاهر العيد في كنيسة المهد حيث تمت الاستعاضة عنها بالصلوات والدعوات لحلول السلام بعد أكثر من شهرين على اندلاع الحرب الأكثر حصدا للأرواح في تاريخ الحروب بين إسرائيل والفلسطينيين.

وألغت بلدية بيت لحم الاحتفالات على خلفية الحرب في غزة. وغابت شجرة الميلاد ومظاهر الفرح في المدينة التي كان العيد يجذب إليها الآلاف سنويا.

وفي قطاع غزة، أحصت حركة حماس 50 غارة استهدفت المناطق الوسطى في وقت مبكر الاثنين، بما في ذلك مخيم النصيرات للاجئين.

وكغيره من المسيحيين، يمضي الفلسطيني فادي صايغ (20 عاما) عيد الميلاد هذا العام في مدينة خان يونس عوضا عن زيارة الأراضي المقدسة.

وقال أثناء خضوعه لجلسة غسيل كلى في مستشفى في خان يونس التي كانت مسرحا للمعارك الأخيرة "في هذه الأوقات من كل عام نكون في القدس، بيت لحم ورام الله نحتفل مع عائلاتنا وأقاربنا”، مضيفا "كان يجب أن نكون نصلي الآن ونزور الأماكن المقدسة لكننا تحت القصف والحرب، لا يوجد فرحة للعيد، لا شجرة ميلاد، لا زينة، لا عشاء عائلي ولا احتفالات”.

وتابع "أصلي أن تنتهي الحرب بأسرع وقت”.

وقالت الأخت نبيلة صالح (47 عاما) الموجودة في كنيسة العائلة المقدسة بدير اللاتين في البلدة القديمة وسط مدينة غزة، لفرانس برس "تم إلغاء كافة الاحتفالات بأعياد الميلاد المجيدة واقتصارها على الصلوات”.

أضافت "كيف نعيد وبلدي مجروح؟ كيف نعيد وبلدي مدمر وأهلي مشردين وإخوتي في الوطن حزانى، وشهداؤنا لم تدفن في الشوارع وآخرين منهم تحت الأنقاض؟”.

واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق من ناحية النطاق والشدة نفذه مقاتلون من حركة حماس لعدد من مستوطنات غلاف غزة، وأدى إلى مقتل نحو 1140 إسرائيلي وخطف 250 شخصا لا يزال 129 منهم محتجزين في القطاع وفق سلطات الاحتلال.

وتعهدت إسرائيل بالقضاء على حماس ردا على ذلك، وأدت حملتها العسكرية التي شملت قصفًا جويا مكثفا إلى استشهاد 20424 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في غزة والأمم المتحدة.

وقال البابا فرنسيس خلال قداس الميلاد في الفاتيكان "قلبُنا الليلة في بيت لحم، حيث ما زال أمير السلام يرفضه منطق الحرب الخاسر، مع زئير الأسلحة الذي يمنعه حتى اليوم من أن يجد له موضعا في العالم”.

من جهته، وصل بطريرك القدس للاتين الكاردينال بيرباتيستا بيتسابالا إلى باحة كنيسة المهد واضعا الكوفية الفلسطينية حول عنقه.

وقال البطريرك "قلوبنا مع غزة، إلى كل الناس في غزة، لكن على وجه الخصوص إلى رعيتنا المسيحية في غزة التي تعاني، لكننا نعرف أننا لسنا الوحيدين الذين نعاني”.

وتابع "نحنا هنا لنصلّي ونطلب ليس فقط وقفا لإطلاق النار، وقف إطلاق النار ليس كافيا، علينا أن نوقف هذه الأعمال العدائية وأن نطوي الصفحة لأن العنف لا يولّد إلا العنف”.

وكانت بطريركية اللاتين أعلنت في وقت سابق هذا الشهر، أن امرأة وابنتها من المسيحيين قتلتا برصاص إسرائيلي في باحة كنيسة العائلة المقدسة.

غارات ليلة الميلاد

وأدت غارات جوية إسرائيلية على منازل في مخيم المغازي للاجئين في وسط قطاع غزة عن استشهاد ما لا يقل عن 70 شخصا، وفق ما أعلنت وزارة الصحة في القطاع.

وقال المتحدث باسم وزارة الصحة أشرف القدرة إن "الحصيلة مرشحة للارتفاع”، حيث يعتقد أن العديد من العائلات كانت في المنطقة وقت الغارة.

وفي حادث منفصل، قالت الوزارة إن 10 أفراد من عائلة واحدة استشهدوا في غارة إسرائيلية على منزلهم في مخيم جباليا شمال غزة.

وإلى جانب الدمار الهائل الذي سوّى عددا ضخما من الأبنية والأحياء السكنية بالأرض، فإن الأوضاع الإنسانية كارثية في قطاع غزة حيث باتت غالبية المستشفيات خارج الخدمة، فيما تتخوّف الأمم المتحدة من مجاعة تهدّد مجمل السكان.

وقد تم تهجير 80% من سكان غزة، وفقا للأمم المتحدة، وفر الكثير منهم إلى الجنوب وهم يحتمون الآن من الشتاء في خيام مؤقتة.

وحض رئيس المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي على وضع حد للمعاناة في الشهر الثالث من الحرب.

وكتب على منصة إكس "إن وقف إطلاق النار الإنساني في غزة هو السبيل الوحيد للمضي قدما”، مضيفا "الحرب تتحدى المنطق والإنسانية، وتهيئ لمستقبل مليء بالكراهية وقليل من السلام”.

وجدد مدير عام منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس الدعوة لوقف إطلاق النار، قائلا "القضاء على النظام الصحي في غزة هو مأساة”.

على صعيد متصل، أعلن الجيش الأردني الأحد أنه أنزل جوا مساعدات إنسانية لنحو 800 شخص محاصر في كنيسة القديس برفيريوس بشمال قطاع غزة.

"لا خيار”

وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته الأحد "ندفع ثمنا باهظا للغاية في الحرب، لكن ليس أمامنا خيار سوى مواصلة القتال”، مضيفا "نحن مستمرون بكل قوتنا، حتى النصر، حتى نحقق جميع أهدافنا: تدمير حماس واستعادة الرهائن وضمان أن غزة لن تشكل أي تهديد مستقبلي لإسرائيل”.

وتابع "لنكن واضحين: هذه حرب طويلة وسنقاتل حتى النهاية، حتى يعود المختطفون ويتم القضاء على حماس ونستعيد الأمن في الشمال والجنوب”.

وفي بيان منفصل الأحد، قال نتنياهو "سنقوم بكل ما يمكن لحماية حياة جنودنا. لكن… لن نتوقف حتى تحقيق النصر”.

وأقر جيش الاحتلال الإسرائيلي بتكبّد مزيد من الخسائر البشرية، وأعلن الأحد مقتل جندي لتبلغ حصيلة قتلاه في القطاع منذ بدأ هجومه البرّي في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 154 عسكريا.

وقال المتحدث باسم الجيش جوناثان كونريكوس لقناة "فوكس نيوز” الأمريكية "نركّز عملياتنا الرئيسية على معقل آخر لحماس وهو خان يونس”، مضيفا أن المعارك في الشمال "ستتواصل، ربمّا بحدة أقل”.

وقال معتقلان أطلق سراحهما ومسعف الأحد إن الفلسطينيين الذين اعتقلهم جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة تعرضوا للتعذيب، وهو ما نفاه الجيش.

وكان الرجلان من بين المئات الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية بسبب صلاتهم المزعومة بحماس خلال الهجوم البري الإسرائيلي.

وقال مدير مستشفى في جنوب رفح مروان الهمص لوكالة فرانس برس إن نحو 20 رجلا أفرج عنهم من السجون الإسرائيلية "تظهر على أجسادهم كدمات وآثار ضرب”.

النخالة في القاهرة

وتتواصل جهود الوسطاء المصريين والقطريين لمحاولة التوصل إلى هدنة جديدة بين إسرائيل وحماس. وكانت هدنة أولى استمرت أسبوعا في نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر أتاحت الإفراج عن 80 إسرائيليا مقابل 240 أسيرا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية وإدخال المزيد من المساعدات إلى القطاع. كما أفرجت حماس عن عدد من الأسرى الأجانب من خارج إطار الاتفاق الأساسي.

والأحد، أفاد مصدر قيادي في حركة الجهاد الإسلامي أن أمينها العام زياد النخالة ترأس وفدا إلى القاهرة.

وأوضح أن الزيارة تلبية لدعوة مصرية لبحث "سبل وقف العدوان الصهيوني على قطاع غزة وصفقة التبادل”، مشددا على أن الحركة تربط "أي تبادل للأسرى بمفهوم الجميع مقابل الجميع بعد وقف إطلاق النار وليس قبله، ضمن عملية سياسية يتفق عليها الشعب الفلسطيني، ممثلا بمختلف قواه السياسية”.

وتأتي زيارة النخالة بعد زيارة مماثلة قام بها إلى القاهرة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية.

إلى ذلك، تستمر المخاوف من اتّساع نطاق النزاع وتمدّده إقليميا، حيث يهدّد الحوثيون في اليمن الملاحة التجارية باستهدافهم منذ أسابيع سفنا في البحر الأحمر يقولون إنها على صلة بإسرائيل، وذلك "نصرة للشعب الفلسطيني”.

وأعلن الجيش الأمريكي أنّ ناقلة مواد كيميائية أصيبت السبت قبالة سواحل الهند بـ”طائرة مسيّرة هجومية أُطلقت من إيران”، وأنّ ناقلتي نفط ومدمّرة أمريكية استُهدفت في البحر الأحمر بمسيّرات أطلقها المسلحون اليمنيون.

© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير