لا نربيهم ليكونوا سعداء!

{title}
عائشة سلطان
همزة وصل   -
سئلت أم مطلقة تعتني بطفلين عن السبب في عدم لجوئها للحزم مع ولديها وتركهما يتصرفان بشكل يظهرهما عديمي التربية؟ فقالت: لأنني أم مطلقة. إن الأمهات أو الآباء الذين يتولون تربية أبناء بعد الطلاق هم الوحيدون القادرون على فهم هذه المعضلة؛ معضلة أن تعتني بأطفالك وتريد صادقاً أن تربيهم كما يجب، لكنك لا تستطيع، بسبب شعورك بالذنب تجاههم!
تقول هذه الأم إنها كلما همت بمعاقبة طفليها أو ضبط سلوكهما وتوجيههما كما يتوجب عليها كأم وكمربية، تجد نفسها تنظر إليهما بعاطفة يمتزج فيها الشعور بالأسى مع الكثير من تأنيب الضمير، فهي تنظر لنفسها دائماً باعتبارها جزءاً أساسياً من كارثة الطلاق التي يعيشانها وسيتحملان آثارها طوال حياتهما، وأهم تلك الآثار: افتقادهما لمناخ العائلة المتماسكة المستقرة، إضافة لافتقاد وجود الأب، وبالتالي فقدان الشعور بالأمان، ما يجعلها تتراجع عند أي محاولة للشدة أو الحزم، فتتركهما يفعلان ما يريدان، فالمهم أن يكونا سعيدين!
يقول التربويون وأساتذة السلوك إن التربية أو التنشئة عملية ضرورية للطفل، وإن هدفها الأول هو تهذيب سلوكه وميوله وغرائزه، وتقديم أفضل تعليم له، وتزويده بالمعارف المختلفة والتوجيهات التي تمكّنه من مواجهة الحياة بشكل يضمن له حياة مستقبلية طيبة وصالحة وسعيدة، وهذا يعني أن الأسرة لا تربي أبناءها ليكونوا سعداء في المقام الأول، فتتغاضى عن أخطائهم، وتوفر لهم كل ما يحتاجونه وما لا يحتاجونه، وتتمادى في تدليلهم بنية إسعادهم، ذلك أن السعادة ليست هدف التربية الأول، وهذا ما لا يفهمه الكثير من الآباء والأمهات في أيامنا هذه للأسف، سواء كانوا منفصلين أو ضمن عائلة متماسكة!
منذ سنوات طويلة، قال جبران خليل جبران: (أولادكم ليسوا لكم، أولادكم أبناء الحياة..)، والحياة صعبة جداً وقاسية، وليست بدفء البيت وحضن الأم، لذلك لا ينفع هذه الحياة أن ندفع لها بأبناء مدللين، لا يتحملون أي قسوة ولا يعرفون الحزم والانضباط والالتزام، فهؤلاء المدللون عديمو الانضباط يضيعون في هذه الحياة، فلا يحققون لأنفسهم السعادة، ولا يعيشون كما يتمنى أهلهم!