يقول مثل ياباني «إذا كان معك ينّ، فاشترِ بنصفه رغيفاً وبالنصف الثاني وردة»، ولكن في قطاع غزة الواقع تحت القصف والحصار، لا المال موجود ولا رغيف الخبز، ولذلك قرر الشاب جبر عطا الله أن يقدّم للناس الورد بسعر رمزي، كي يرسم الابتسامة والأمل على وجوههم ويخفف عنهم آلام الحرب وأحزانها.
يقول الشاب الثلاثيني جبر عطا الله لوكالة سبوتنيك «قررت بيع الورد لإيصال رسالة للعالم، أنَّه على الرغم من الحرب والقصف والدمار والقتل الذي يحدث في فلسطين وفي غزة خصوصاً، فإننا صامدون ومرابطون ومنتصرون إنَّ شاء الله».
عطا الله نزح وعائلته في الأيام الأولى للحرب، من شمالي القطاع إلى خان يونس، قبل أن ينتقل إلى رفح جنوبي القطاع حيث يحتشد قرابة 1.4 مليون نازح في ظروف لا تحتمل.
ويعيش النازحون في مراكز إيواء وخيام معدومة المقومات الحيوية، وتفتقر إلى أبسط حقوق الإنسان من طعام وشراب ودواء. الناس إذاً يحتاجون إلى أمل وبسمة ترسم على وجوههم في وقت الحرب.
بادر الشاب عطا الله ببيع الورود في رفح، في شارع شديد الازدحام، عله يرسم الابتسامة والأمل على وجوه الناس. يقول: «كل يوم أحضر من مسافة بعيدة، من منطقة الطيارة في رفح إلى وسطها، من أجل بيع الورد، وتباع الوردة الواحدة من الجوري بـ3 شواكل (0.80 دولار)، ووردة القرنفل بشيكل (0.30 دولار)، وعلى الرغم من أنه غير مربح، فإن الدخل الحقيقي الذي أجنيه من بيع الورد إدخال الأمل والابتسامة على الناس».
العزوف بداية
في بداية الأمر، واجه جبر بعض العزوف من الناس، بفعل ما يمرون به من ظروف مأساوية قبل أن ينتبهوا لأهمية الورد، ولكن الابتسامة تحالفه أحياناً، حينما يرى إقبالاً على شراء الورد، وهم يرسمون ابتسامة خفيفة، كالطفلتين غزل ورهف.
تقول غزل لـ«سبوتنيك» عن مبادرة جبر: «هي فكرة حلوة، فالورد يعطينا تفاؤلاً وراحة في هذه الظروف الصعبة، وفي ظل الحرب». وتضيف: «لقد اشتريت وردة كي أهديها لأمي، علها تبتسم وتنسى قليلاً الحرب، وتنسى بيتنا الذي قصف».
ويقبل العديد من زبائن جبر على شراء الورد لأفراد أسرهم المصابين أو لأقاربهم في المستشفى، أو لأولئك الذين فقدوا منازلهم في الحرب.
قبل النزوح، كان عطا الله يعمل موظفاً في شركة خاصة، ولكنه اليوم يجد نفسه في الشوارع يبيع الورد لرسم الابتسامة على الناس، وأيضاً لتلبية احتياجات أسرته ولو بالقليل. يقول: «رسالتي أن تقف الحرب، ويقف العدوان ونعيش مثل باقي الشعوب».
كان الورد موجوداً في مناسبات وحياة أهالي غزة قبل الحرب، ولكن منذ اندلاع الحرب أصبح الورد غريباً وسط القتل والأحزان، وعلى الرغم من ذلك فإنَّ الكثيرين يرون مبادرة جبر عطا الله جبراً للخواطر وفكرة إيجابية تعطي الناس أملاً وابتسامة وسط الحرب.