قال برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إن الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يشهدان شهر رمضان الحالي في ظل أزمة أمن غذائي مستمرة مدفوعة بالصراعات والتحديات الاقتصادية وتغير المناخ، موضحا أن "هذا المزيج السام يدفع الملايين إلى حافة الهاوية".
وأضاف في بيان صحفي أن شهر رمضان الذي يتصف بالكرم ويحتل فيه الطعام مركز الصدارة، أصبح حلوله "عبئاً هائلا" على الملايين في جميع أنحاء المنطقة ممن يواجهون أسعار المواد الغذائية المرتفعة باستمرار، بينما تظل مستويات الدخل لا تتحرك.
وتقول المديرة الإقليمية لبرنامج الأغذية العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأوروبا الشرقية، كورين فلايشر: "ندخل شهر رمضان بينما تعيش المنطقة أسوأ أزمة غذائية في تاريخها الحديث في قطاع غزة. في الوقت نفسه وفي بلدان أخرى بالمنطقة، حولت الصراعات الطويلة والأزمات الاقتصادية شعيرة الصيام الأساسية في شهر رمضان المبارك، إلى واقع يومي قاس لملايين الناس".
ويعاني أكثر من 40 مليون شخص في جميع أنحاء المنطقة مستويات حادة من انعدام الأمن الغذائي، منهم أكثر من 11.7 مليون شخص في ستة بلدان - العديد منهم لاجئون وطالبو لجوء – يعيشون في حالة طوارئ أو مستويات أسوأ من انعدام الأمن الغذائي (المستويين الرابع والخامس من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي)؛ أي أنهم لا يستطيعون شراء ما يكفي من الطعام المغذي لهم ولأسرهم في أي يوم من أيام السنة، وفق البرنامج العالمي.
وأضاف أنه " بعد مرور ستة أشهر على أزمة غزة، أصبح الآن سكان القطاع المحاصر بالكامل في حاجة ماسة إلى المساعدات الغذائية، حيث يواجه أكثر من نصف مليون شخص مستويات كارثية من الجوع (المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي) بينما يتزايد خطر المجاعة يومًا بعد يوم".
وفي سوريا، أشار أن "الجوع لا يزال قائمًا" بعد سنوات من الصراع والصدمات الاقتصادية والمناخية المتتالية، والتي تفاقمت بسبب آثار الزلازل في شباط 2023، حيث يعاني 780 ألف شخص إضافي حاليًا من انعدام الأمن الغذائي، مما يرفع العدد الإجمالي للأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي في البلاد إلى 12.9 مليون شخص.
وأضاف أن السودان واليمن لا يزالان من بين البلدان العشرة التي تضم أكبر عدد من الأشخاص الذين يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد في العالم.
"على الرغم من تراجع أسعار الغذاء العالمية في الأشهر الأخيرة، فإن ذلك لن يغير بسهولة واقع تضخم أسعار الغذاء المحلي في البلدان التي تواجه انخفاض قيمة العملة وارتفاع معدلات التضخم" وفق البرنامج.
وأوضح أن 5 بلدان في المنطقة من بين الدول العشر التي سجلت أعلى تضخم في أسعار الغذاء على الصعيد العالمي في كانون الثاني 2024، حيث يواجه لبنان وسوريا نسب تضخم كبيرة في أسعار المواد الغذائية، بلغت 138% في لبنان و106% في سوريا، بينما بلغ تضخم أسعار الغذاء في تركيا 70%، وإيران 39% ومصر 48%.
وأضاف البرنامج العالمي أن أسعار المواد الغذائية تشهد "ارتفاعا صاروخيا" بينما تواجه العديد من بلدان المنطقة عجزاً كبيراً في الميزانية، وارتفاع مستويات الدين العام، وانخفاض قيمة العملة، ومستويات خطيرة من التضخم. تؤثر على المنطقة التي تعتمد على الاستيراد عوامل عديدة، منها الارتفاعات المتزايدة في الأسعار، وضعف العملات، واستنفاد احتياطيات العملات الأجنبية، في حين يؤدي الصراع وأزمة المناخ المتفاقمة إلى تقليص إنتاج الغذاء.
وأشار إلى أن اعتماد المنطقة الكبير على الواردات أدى إلى تعريضها لتقلبات أسعار المواد الغذائية العالمية، والتي تفاقمت بسبب الحرب في أوكرانيا واضطرابات سلاسل الإمداد الناجمة عن جائحة كورونا والكوارث الطبيعية.
وأضاف برنامج الأغذية أنه "في عام 2024، ستؤدي أيضًا اضطرابات سلاسل الإمداد الناجمة عن الأعمال العدائية في البحر الأحمر وخليج عدن إلى ارتفاع تكاليف الشحن واحتمالات زيادة أسعار الغذاء والوقود".
وفقاً للبيانات المتاحة لبرنامج الأغذية العالمي، وحسب أسعار المواد الغذائية الأساسية في كانون الثاني 2024، كان متوسط سعر الزيوت النباتية والأرز في المنطقة هو الأعلى عالمياً بين البلدان الخاضعة للرصد، بينما جاء القمح في المرتبة الثانية.
وتعد غزة واليمن والضفة الغربية والعراق من بين أعلى عشرة بلدان تسجيلا لمتوسط أسعار الأرز والزيوت النباتية بين البلدان الخاضعة للرصد في جميع أنحاء العالم.
ويعتبر سعر لتر الزيت النباتي هو الأعلى في غزة؛ حيث يبلغ 8.32 دولار أميركي، يليه اليمن بسعر 5.19 دولار أميركي للتر الواحد. وفي اليمن أيضًا، يبلغ متوسط سعر كيس الأرز الذي يزن كيلوغراماً واحداً 5.82 دولار أميركي في كانون الثاني - وهو الأغلى بين البلدان التي يتم رصد الأسعار فيها - و1.94 دولار أميركي في غزة، مما يجعله ثالث أغلى سعر.
ويهدف برنامج الأغذية العالمي، إلى الوصول إلى أكثر من 30 مليون شخص بالمساعدات الغذائية والتغذوية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في عام 2024؛ ولكن تقوض أزمة التمويل الملحة جهود البرنامج.
وتقول فلايشر: "إن التمويل الإنساني المحدود يزيد معاناة الملايين في المنطقة، حيث لا يتمكن البرنامج من الحفاظ على مستوى مساعداته في العديد من البلدان؛ مما يترك الأشخاص الأشد احتياجا دون الغذاء الضروري".
وأضافت: "الآن نأخذ مِمَن يعانون الجوع لدعم من هم أكثر جوعاً".
وأضافت: "قطع المساعدات ستكون له عواقب لا توصف بالنسبة للملايين، كما أنه يعرض للخطر سنوات من العمل في مكافحة الجوع وسوء التغذية، ونحن نشهد بالفعل مستويات مثيرة للقلق من انعدام الأمن الغذائي".
فلايشر قالت: "في العامين الماضي والحالي، كان على البرنامج أن ينفذ تخفيضًا تدريجيًا في حجم الحصص الغذائية، وقيمة القسائم الإلكترونية، وعدد الأشخاص الذين يتلقون المساعدة، وتقليل عدد مرات التوزيع في العديد من بلدان المنطقة" موضحة أن ذلك أثر على الأشخاص المتأثرين بالصراع واللاجئين والنازحين داخليا في اليمن وسوريا والأردن ومصر ولبنان والجزائر وليبيا والعراق.