يبقى الوضع "متفجّراً" في بورت أو برنس بحسب الأمم المتحدة، في وقت ينتظر فيه الهايتيون تعيين سلطات انتقالية بعد استقالة رئيس الوزراء، في ظلّ أمل حذر في أن تتمكّن البلاد التي دمّرتها العصابات من استعادة الاستقرار.
وبعد أيام قليلة من الهدوء النسبي، سجّلت أعمال عنف في العاصمة التي يخضع 80 في المئة منها لسيطرة العصابات المسلحةّ. وأقام السكان حواجز على طريقين رئيسيين في وسط المدينة، في محاولة لحماية أنفسهم من هجمات العصابات وأيضاً للاحتجاج، حسبما أفاد مراسل وكالة فرانس برس.
وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إنّ الوضع في بورت أو برنس "متفجّر ومتوتر".
من جهة أخرى، ينتقد بعض السكان إمكانية إنشاء مجلس رئاسي انتقالي، بدعم من المجموعة الكاريبية (كاريكوم) والأمم المتحدة والولايات المتحدة.
وقال فرانسوا نولن لوكالة فرانس برس "أنا في الشارع الآن وغاضب للغاية"، مضيفاً أنّ "الأمريكيين يفرضون علينا شروطاً معيّنة لإدارة البلاد. وهذا ليس طبيعياً، دستور بلادنا ينص على كيفية تنظيم أمورنا".
أمّا جيسولا التي تفضّل عدم الكشف عن اسمها الكامل، فأكّدت أنّ "ليس للبيض الحق في التدخّل في شؤوننا"، مضيفة أنّهم "بدلاً من أن يجعلوا الأمور أفضل، سيجعلونها أسوأ".
وكانت البلاد شهدت تدخّلاً عسكرياً أمريكياً في العام 1915، كما عانت كثيرا من وباء الكوليرا بين العامين 2010 و2019، الذي دخل البلاد عبر عناصر من قوات حفظ السلام.
ومُدّد حظر التجوّل ليلاً حتى الأحد في المقاطعة الغربية، بما في ذلك بور أو برنس، وفقاً لمكتب رئيس الوزراء الذي يتوّلى تصريف الأعمال.
وقال ايدنر بيتي وهو أحد سكان بور أو برنس، "هناك الكثير من الفارين من السجن في الشوارع. الوضع يزداد سوءاً"، معتبراً أنّ "قرار الحكومة إعلان حال الطوارئ في هايتي مع حظر التجوّل... جدير بالثناء...، ولكن يجب ألا يكون الحال كذلك".
بدورها، عبّرت الجمعية الطبية الهايتية عن "خوفها" من "الإغلاق القسري للمستشفيات" ومن "أعمال العنف الجسدي ضدّ العاملين في مجال الرعاية الصحية".
خلافات
وكان رئيس الوزراء أرييل هنري الذي اتسمت ولايته بتزايد سطوة العصابات المسلحة، أعلن مساء الاثنين استقالته على أن يتولى تسيير الأعمال إلى حين تعيين مجلس رئاسي انتقالي.
واتخذ قرار تشكيل المجلس الرئاسي خلال اجتماع طارئ في جامايكا بمشاركة ممثلين عن هايتي والمجموعة الكاريبية (كاريكوم) والأمم المتحدة ودول عدة أبرزها الولايات المتحدة وفرنسا.
وأفادت مصادر عدة وكالة فرانس برس بأنّ عدداً من القوى السياسية قدّمت أسماء ممثليها إلى "كاريكوم" من أجل تشكيل المجلس العسكري.
وفي البداية، لم يتمكّن أعضاء ائتلاف "21 ديسمبر" الذي ينتمي إليه أرييل هنري، من الاتفاق على ممثّل واحد بينما اقترحوا ثلاثة أسماء.
غير أنّ مصادر أفادت بأنّهم يجرون محادثات من أجل التوصّل إلى مرشّح توافقي.
وأعرب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الجمعة عن ثقته من أنّ المجلس يمكن أن يرى النور "في الأيام المقبلة".
من جهته، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إنّه "يريد من جميع الجهات الفاعلة في هايتي أن تضع خلافاتها جانباً" للمضي قدماً في إنشاء سلطات موقتة، وفقاً للمتحدث باسمه ستيفان دوجاريك.
مساعدة إنسانية
سيتكوّن المجلس الرئاسي من سبعة أعضاء يمثلون القوى السياسية الرئيسية في هايتي والقطاع الخاص. وسيختار رئيساً موقتاً للوزراء كما سيعيّن حكومة "شاملة".
وسيتمّ استبعاد الأشخاص الذين وجهت إليهم المحاكم اتهامات أو أُدينوا بأحكام معيّنة، أو الذين يخضعون لعقوبات الأمم المتحدة، والأشخاص الذين يعتزمون خوض الانتخابات المقبلة في هايتي و/أو يعارضون قرار الأمم المتحدة بشأن نشر بعثة متعدّدة الجنسيات للدعم الأمني.
في هذه الأثناء، أعلنت كينيا التي من المقرّر أن تنشر ألف شرطي في إطار هذه المهمّة، أنّها ستعلّق إرسال هؤلاء العناصر لكنّها أكدت أنّها ستتدخّل بمجرّد تشكيل مجلس رئاسي.
ووفق برنامج الأغذية العالمي، يعاني 44 في المئة من سكّان هايتي من حالة انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وفي انتظار معرفة ما إذا كانت نهاية الأزمة تلوح في الأفق، أعلنت الأمم المتحدة أنها ستقيم "جسراً جوياً" بين هايتي وجمهورية الدومينيكان المجاورة لنقل المساعدات. وتأمل الأمم المتحدة أن يتم تشغيله "في أقرب وقت ممكن".
كذلك، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة عن مساعدات إنسانية إضافية بقيمة 25 مليون دولار.