عندما ارتفع عدد المسلمين في جنوب شرقي كوريا الجنوبية، أواخر سبعينيات القرن الماضي، بدأت المساعي لبناء مسجد من قبل الجالية الإسلامية، حتى نجحت الجهود عام 1980 في تشييد مسجد في مدينة بوسان الساحلية، ليخدم مسملي عدة مدن مجاورة مثل دايجو وأولسان وجيونج سانج بوك دو.
مع مرور السنين ازدادت مساحة الجامع، الذي يُطلق عليه أيضاً مسجد بوسان الفاتح، عدة مرات حتى أصبح أحد أكبر المساجد في كوريا بمساحة 1000 متر، مقسمة بين المساحة الداخلية للصلاة والحديقة الخارجية المحيطة به والمزينة بأنواع من النخيل والنباتات.
تحفة ديكورية
يتميز المسجد بتصميم معماري جميل، تتنوع عناصره بين التقليدية والحديثة، فمن الخارج يتميز بقبته البيضاوية الجميلة ومئذنته الشامخة بارتفاع 13 متراً ومئذنتين أقل ارتفاعاً، ما يمنحه مظهراً رائعاً بارزاً بين المباني المحيطة، كما يشتهر بنوافذه الخارجية المصممة على الطراز الإسلامي التقليدي. والمسجد من الداخل بمثابة تحفة، فالأسقف مزينة بألوان وزخارف لافتة، وكذلك الجدران مزينة بالآيات القرآنية، وتجويف القبة من الداخل بنقوش هندسية إسلامية تحمل أسماء الخلفاء الراشدين، وتمنح أشعة الشمس مع الزجاج الأزرق رونقاً يتماشى مع اللونين السائدين في المسجد البني والأزرق.
وللمحراب والمنبر وكرسي الإمام، الطراز الخشبي نفسه الذي يحمل خطوطاً وكتابات عربية على طريقة مساجد البلدان العربية، ما يصنع مشهداً متناسقاً.
معلَم بارز
يتألف المسجد من عدة طوابق تضم ساحات متعددة للصلاة للرجال والنساء في الأعلى، بينما في الطابق الأرضي يضم قاعات أخرى مخصصة للأنشطة الدينية والاجتماعية، مثل تحفيظ القرآن وتعليم التجويد ومبادئ الشريعة، إضافة إلى أنشطة ثقافية للشباب من رواد المسجد أو زواره، ويقدم الطعام الحلال ويأتيه المسلمون لتناول الوجبات الإسلامية. ويزور مسجد بوسان أكثر من 25 ألف مسلم سنوياً، كونه ثاني أقدم مسجد هناك، ومقصداً للمسلمين من عدة مدن كورية للالتقاء والاستمتاع بالأجواء الروحانية، لاسيما في شهر رمضان والأعياد. ويُعتبر المسجد مثالاً في التعايش السلمي بين الأديان والثقافات في كوريا، وأحد النقاط السياحية الرئيسة لزوار جنوب شرقي كوريا، حيث يأتيه السياح لمشاهدة معماره والتعرف على الثقافة الإسلامية.