يطرح التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل تساؤلات حول مستقبل المواجهة بين الطرفين، لا سيما أن التصعيد يعدّ الأوسع والأخطر منذ بداية المواجهات قبل 11 شهراً، فهل هو مقدمة لحرب، أم يكون عاملاً لتحريك المياه التفاوضية تحريكاً كبيراً، لإنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لتهدئة الوضع في لبنان؟.
قيام إسرائيل بتنفيذ هجمات دقيقة ضد البنى التحتية الرئيسة لـ «حزب الله» في العمق اللبناني، إلى جانب توغل بري محدود في الجنوب.
يؤشر إلى احتمال تنفيذ خطوات أخرى نحو حرب شاملة، لا سيما بعد تفجير أجهزة النداء والاتصالات اللاسلكية من بُعد، ويؤكد عدد من المحللين أن الهجمات الأخيرة ضد «حزب الله»، خلقت «فرصة نادرة» لإسرائيل للتحرك بحزم ضد الحزب ومخزونه الهائل من الصواريخ الموجهة بدقة، إذ تعطلت أنظمة الاتصالات التابعة للجماعة، وتم اغتيال وإصابة عدد كبير من قادتها الميدانيين، وصرح مسؤولون إسرائيليون، في أكثر من مناسبة، عن توسيع قاعدة الحرب في لبنان، وتهديدات باحتمال الدخول برياً، وكذلك عدم وقف التصعيد مع أي هدنة قد يتم إقرارها في غزة، في ما يبدو أنه بمثابة دفع متعمد بعنف لإحداث مناخ متفجر، ينذر بتوسيع الحرب والمواجهات.
لكن الحزب صرح بأنه لن يقف مكتوف الأيدي، ومن هنا، فإن الأيام المقبلة قد تكون أكثر سخونة، لا سيما بعد تهديد الحزب بالرد على اغتيال قائد وحدة «الرضوان»، إبراهيم عقيل. لكن البعض يلمّح إلى فقد القدرة الفورية على رد قوي.
مرحلة جديدة
رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، أعلن قبل أسابيع أن الهدف من العمليات العسكرية ضد الحزب، هو إعادة المستوطنين إلى مستوطناتهم في الشمال، غير أن الأمور أبعد بكثير مما يقوله نتنياهو، حيث إن النقاش في إسرائيل مؤخراً، أظهر توافقاً على تحويل الثقل العسكري نحو «حزب الله»، حيث إن تل أبيب تستعد فعلياً لمرحلة جديدة من المواجهة القاسية مع الحزب، تستهدف قدراته الكبيرة بشرياً وعسكرياً.
حيث أطلقت تل أبيب خلال اليومين الماضيين، رسائل تصعيدية ميدانياً وديبلوماسياً، قبل 7 أسابيع على الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حيث يستهدف نتنياهو اتساع نطاق الحرب، للحفاظ على بقائه السياسي، مستغِلاً انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية، فيما هدّد وزير الدفاع، يوآف غالانت، بأنّ «الحزب» سيدفع ثمناً متزايداً مع مرور الوقت.
ووسط هذا التصعيد والمواجهات العنيفة التي شهدتها الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وسط مخاوف دولية من توسع الحرب، أكد الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هيرتزوغ، أن بلاده لا تسعى إلى الدخول في حرب مع لبنان، فهل يكون التصعيد في لبنان، مفتاح الوصول إلى اتفاق في غزة؟
حيث إنه خلال الشهر الماضي، كان واضحاً أن مساعي الوساطة فشلت، وبسبب انتهاء العمليات العسكرية الكبيرة في غزة، وبات لا يوجد مكان لمناورات كبيرة أخرى، اتجهت أنظار إسرائيل شمالاً، للمضي بتوسيع خططها الهجومية على جبهة غزة وجنوب لبنان، فهل هذا التصعيد سيكون عاملاً لتحريك المياهَ التفاوضيةَ تحريكاً كبيراً، لإنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة؟. بتقديم تنازلات بين الجانبين للتوصل إلى اتفاق، حيث غيرت أمريكا لأول مرة من نبرتها، وقالت إن الحرب في لبنان، في غير صالح إسرائيل.
تحركات
وتشهد المنطقة تحركات ديبلوماسية عربية وأوروبية وأمريكية كثيفة، انطلقت وتتركز مجدداً على احتواء ما تعتقد دول عدة بأن الحكومة الإسرائيلية ماضية نحوه بجدية، ومن المرجح أن تسعى التحركات إلى تبريد الأجواء الساخنة، والتخفيف من حدة التهديدات، من خلال المحافظة على قواعد الاشتباك المعمول بها، إلى أن يتم التوصل إلى تسوية عامة.
ويؤكد محللون أن اللجوء إلى الحلّ الدبلوماسي لا يزال متاحاً، وهو القبول بالمقترح الأمريكي، القائم على فصل الجبهتين، الجنوب وغزة، والذهاب إلى حل يحقّق الأمن المستدام، بتطبيق القرار 1701 من الجهتين، وهو ما تدعو إليه الجهات السياسية المحلية والدولية منذ أشهر.