
يُصنف داء «الثعلبة» ضمن أمراض المناعة الذاتية التي لا تنتقل عن طريق العدوي، حيث يحارب الجسم البصيلات، ويؤدي إلى تساقطها وغياب الشعر، فجأة، عن بعض المناطق في فروة الرأس وظهور بقع متفرقة دائرية الشكل وصلعاء.
ويستهدف الداء الرجال والنساء بنسب متساوية، وتحدث الإصابة على الأكثر في مراحل العمر المبكرة عند الذكور من سن ال20، والإناث من ال25.
يتحدث الخبراء والاختصاصيون، فى السطور التالية، عن هذه المشكلة المرضية المزعجة نفسياً وجمالياً، وكيفية السيطرة على تفاقم أعراضها، وأنواع خيارات العلاج.
تقول د.أنكيتا توكنيات، أخصائية الأمراض الجلدية والتجميل: «إن داء الثعلبة يمكن أن يصيب أي شخص، لكنه يظهر بشكل شائع لدى الذين تتراوح أعمارهم بين 20 إلى 35 عاماً، وتنجم الإصابة عن العوامل الوراثية، والإجهاد وضغوط العمل، وعدم التوازن الهرموني، واضطرابات الغدة الدرقية، والنظام الغذائي غير الصحي، والعدوى، وتحدث الثعلبة البقعية عادةً عندما تبدأ الخلايا المناعية في العمل ضد خلايا الشعر، ويحدث انهيار مفاجىء للبصيلات».
وتلفت د.أنكيتا توكنيات إلى أن اعتماد بعض الأشخاص على محاولة العلاج الذاتي، من الأمور الخطيرة، التي تؤدي في بعض الحالات إلى تفاقم الأعراض، والتندب وفقدان الشعر بشكل دائم، يجب استشارة طبيب الأمراض الجلدية لتحديد نوع ودرجة الإصابة ووصف العلاج المناسب.
أنواع وتشخيص
تذكر د. مها سلطان، أخصائية الأمراض الجلدية والتجميل، أن الثعلبة من مشكلات المناعة الذاتية التي تسبب تساقط الشعر، وتتباين الأعراض والمناطق المصابة حسب النوع، وتشمل الأنواع الرئيسية للمرض، الآتي:
* «البقعية»: ينجم عنها تساقط الشعر المفاجئ، ويبدأ على الأغلب في شكل بقعة صلع مستديرة أو بيضاوية ناعمة، وتنتشر على فروة الرأس أو اللحية، ويمكن أن يبدأ تساقط الشعر في أي منطقة من الجسم.
* «الأندروجينية»، أو (الصلع الذكوري أو تساقط الشعر الأنثوي): تستهدف الجنسين نتيجة العوامل الوراثية أو اختلال الهرمونات وخاصة «التستوستيرون»، التي تتسبب في التساقط الطفيف بالقرب من الجلد بين الأذنين والجبهة، بمقدار ضئيل أو انحسار الشعر، وتراجع خط الشعر بشكل عميق حول الصدغين.
* «باربا»: نوع مختلف من البقعية التي تصيب منطقة اللحية، وتتسبب في ظهور بقع مستديرة وناعمة فارغة من الشعر، ويمكن أن تؤثر أيضاً على مناطق الوجه الأخرى مثل الشارب أو السوالف.
* ثعلبة ما بعد الولادة: تساقط الشعر بشكل مؤقت، وهي حالة شائعة يواجهها كثير من النساء خلال الأشهر القليلة الأولى بعد انتهاء فترة الحمل.
* «الجر»، من أشكال تساقط الشعر الناجم عن التوتر المفرط، أو شد الشعر، وتتطور بعض التسريحات أو الضغط المفرط على البصيلات، ما يؤدي إلى التلف والتساقط في نهاية المطاف.
* «الحزاز المسطح»، هو نوع من الثعلبة المتندبة، ويؤدي إلى التساقط بشكل دائم بسبب التهاب بصيلات الشعر.
وتشير د.مها سلطان إلى أن الداء يتطور بشكل مختلف عند الصغار والبالغين، حيث تسهم عوامل عدة في تفاقمه، كونه يُشكل بقعة واحدة أو عديدة بحجم العملة النقدية لدى الأطفال، وعادة ما تكون مستديرة أو بيضاوية على فروة الرأس أو في أماكن أخرى من الجسم التي ينمو فيها الشعر، أما بالنسبة للبالغين، فإن الإصابة تقتصر بشكل أساسي على الثعلبة الأندروجينية مع تساقط الشعر بنمط ذكوري أو أنثوي.
وتبين أن التشخيص يعتمد على نمط وتاريخ تساقط الشعر، وفي بعض الحالات، تكون الخزعة ضرورية لتأكيد الإصابة، ويمكن إجراء فحص بدني، والاطلاع على التاريخ الطبي، وعمل بعض الاختبارات والفحوص للمناطق التي تعاني من تساقط الشعر، والأظافر، ويمكن استخدام أداة منظار الجلد لإلقاء نظرة فاحصة شاملة.
طرق التداوي
توضح د.نيسلي فيليب، أخصائية الأمراض الجلدية، أن «الثعلبة البقعية يمكن أن تؤدي إلى بعض المضاعفات النفسية أو الاجتماعية، إذا تُركت من دون علاج، وفي حالات نادرة تتسبب في تأثيرات سلبية على الجسم، تتمثل في زيادة خطر الإصابة بالتهابات العين، مثل التهاب الملتحمة، وقلة الرموش، بالإضافة إلى تنقر الأظافر، أو هشاشتها، أو فقدانها بسبب طبيعة المناعة الذاتية للمرض، والتهاب الجريبات الناجم عن ضعف حاجز الجلد».
وتضيف: «تختلف التأثيرات بين الأطفال والبالغين، ويكون الصغار الذين يصابون في سن أصغر (5 سنوات أو قبل ذلك) أكثر عرضة للتطور إلى أشكال أشد من المرض، أما البالغون فتتركز معاناتهم في المشكلات الاجتماعية والنفسية، ويمكن أن يساعد التدخل المبكر في الحد من تفاقم الأعراض، وتحسين نتائج العلاج».
وتشير د.نيسلي فيليب إلى أن «طرق التداوي من الداء يعتمد على العلاجات الموضعية لفروة الرأس، والحقن، والعلاج بالبلازما الغنية بالصفائح الدموية، والعقاقير الدوائية، العلاج بالضوء (العلاج بالليزر منخفض المستوى، والتعديل الحيوي الضوئي)، ويمكن أن تحتاج بعض الحالات إلى زراعة الشعر، أو العلاج المناعي، أو استخدام الخلايا الجذعية لتعزيز نمو الشعر».
وتتابع: «يجب إجراء الاختبارات بشكل منتظم لإدارة الحالات الصحية الأساسية، وخاصة فحوص اضطرابات الغدة الدرقية أو أمراض المناعة الذاتية، وتحديد مواعيد منتظمة لمراقبة صحة فروة الرأس ومعالجة أي تطورات».
7 نصائح للحد من تفاقم الأعراض
يوصي خبراء الجلدية ببعض النصائح والعادات التي يمكن أن تحد من تطور الداء والوقاية من الإصابة عموماً، والتي تتمثل في الآتي:
1- تناول نظام غذائي صحي متوازن وغني بالفيتامينات والمعادن، خصوصاً التي تعزز نمو الشعر مثل البيوتين وفيتامين (د) وأحماض أوميجا 3 الدهنية، وشرب المياه والسوائل للحفاظ على رطوبة الجسم.
2- الحصول على قسط كافٍ من النوم لمدة 7-8 ساعات كل ليلة للمساعدة في تنظيم الهرمونات.
3- تجنب علاجات الشعر القاسية، والحد من الاستخدام المفرط لأدوات تصفيف الشعر بالحرارة والصبغات، وغيرها من العلاجات الكيميائية التي يمكن أن تلحق الضرر بالشعر وتؤدي إلى الثعلبة.
4- ارتداء أغطية رأس واقية عند ممارسة الأنشطة التي يمكن أن تسبب إصابة لفروة الرأس، مثل الرياضة أو أعمال البناء.
5- الانخراط في أنشطة التأمل أو اليوجا أو تمارين التنفس العميق، لتقليل مستويات التوتر المرتفعة.
6- الحد من العادات التي تسهم في انتقال العدوى، كتجنب مشاركة الأغراض الشخصية، والنظافة الجيدة لفروة الرأس.
7- تجنب التسريحات التي تؤذي البصيلات، واستعمال المنتجات اللطيفة الخالية من المواد الكيميائية القاسية للعناية بالشعر.