
تسارعت ردود الفعل الدولية، أمس الأحد، على الأحداث الدامية في مناطق من الساحل السوري، الذي يشهد هدوءاً هشاً، وطالبت الأمم المتحدة بوقف قتل المدنيين فوراً، بعد أنباء عن سقوط أكثر من 1000 مدني في الاشتباكات، وأعربت دول غربية عن انزعاجها من التقارير المروعة، بينما أعلنت الرئاسة السورية الانتقالية تشكيل «لجنة وطنية مستقلة» للتحقيق في أحداث الساحل.
وتشهد مدن الساحل الغربي، اشتباكات دامية بين قوى الأمن وجماعات متهمة بالولاء للرئيس السابق بشار الأسد، أسفرت عن سقوط مئات القتلى جلهم من المدنيين. وقالت مصادر متطابقة إن حصيلة القتلى ارتفعت إلى أكثر من 1000 قتيل، وأشارت إلى أن «830 مدنياً علوياً قتلوا في مناطق الساحل السوري وجبال اللاذقية من جانب قوات الأمن ومجموعات رديفة» منذ الخميس الماضي، لترتفع بذلك الحصيلة الإجمالية إلى 1311 قتيلاً على الأقل، بينهم 231 عنصراً من قوات الأمن و250 من المسلحين، وفق المرصد السوري.
وأفاد مصدر أمني سوري، أمس، بالعثور على مقبرة جماعية تضم عدداً من جثث قوات الأمن العام وعناصر الشرطة قرب مدينة القرداحة في ريف اللاذقية شمال غربي البلاد، بينما قالت إدارة الأمن العام في محافظة دير الزور شمال شرق سوريا إنها ألقت القبض على قادة من فلول النظام السابق كانوا يخططون لاستهداف المقرات الأمنية والحكومية في المحافظة. وأعلنت الداخلية السورية نجاح قوات الأمن العام في منطقة كفر عبد بريف حمص الشمالي في ضبط مستودع أسلحة وذخائر هاون بمختلف العيارات.
وفي غضون ذلك، قالت الأمم المتحدة، أمس الأحد، إنها تتلقى تقارير «مقلقة للغاية» بشأن مقتل عائلات بأكملها في شمال غرب سوريا ودعت إلى وقف فوري للعنف. وجاء في بيان للمفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك «إن قتل المدنيين في مناطق ساحلية في شمال غرب سوريا يجب أن يتوقّف فوراً».
وتعد هذه الأحداث الأعنف التي تشهدها البلاد منذ الإطاحة بالأسد، في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر.
وقال تورك: «إثر سلسلة هجمات منسقة شنها عناصر تابعون للحكومة السابقة ومسلحون محليون آخرون، تلقينا تقارير مقلقة للغاية تحدثت عن مقتل عائلات بكاملها تضم نساء وأطفالاً». وأضاف «ينبغي إجراء تحقيقات سريعة وشفافة ومحايدة في كل الجرائم والانتهاكات الأخرى، ويجب محاسبة المسؤولين (عنها) انسجاماً مع معايير القانون الدولي وقواعده».
وقال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن التقارير الواردة عن مقتل أعداد كبيرة من المدنيين في المناطق الساحلية في سوريا «مروعة» وحث السلطات في دمشق على حماية جميع السوريين من العنف. وأضاف لامي، في بيان مقتضب على وسائل التواصل الاجتماعي، «يتعين على السلطات في دمشق ضمان حماية جميع السوريين ووضع مسار واضح للعدالة الانتقالية».
وقال وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، أمس، إن الولايات المتحدة تدين «الإرهابيين المتطرفين، بما في ذلك الأجانب، الذين قتلوا الناس في غرب سوريا في الأيام الأخيرة».
وتابع روبيو، في بيان: «تقف الولايات المتحدة إلى جانب الأقليات الدينية والعرقية في سوريا، بما في ذلك المجتمعات المسيحية والدرزية والعلوية والأكراد، وتقدم تعازيها للضحايا وأسرهم». وحث السلطات المؤقتة في سوريا على محاسبة «مرتكبي هذه المجازر ضد الأقليات في سوريا». وأعربت ألمانيا عن صدمتها إزاء التقارير عن حصول عمليات قتل جماعي في الساحل السوري. وقالت وزارة الخارجية الألمانية في بيان، إنه يقع على عاتق الحكومة الانتقالية في سوريا، مسؤولية منع وقوع مزيد من الهجمات، والتحقيق في الحوادث ومحاسبة المسؤولين عنها، كما حضَّت في بيانها بشدة كل الأطراف على إنهاء العنف. كما نددت فرنسا ب«أكبر قدر من الحزم، بالتجاوزات التي طالت مدنيين على خلفية طائفية وسجناء» في سوريا.
ودعا الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، أمس الأحد، إلى الحفاظ على الوحدة والسلم الأهلي. وأصدر قراراً بتشكيل «لجنة وطنية مستقلة» للتحقيق في «أحداث الساحل السوري». وقال حساب الرئاسة على منصة «إكس»، إن اللجنة منوطة ب «الكشف عن الأسباب والظروف والملابسات، التي أدت لوقوع هذه الأحداث، والتحقيق في الانتهاكات التي تعرض لها المدنيون وتحديد المسؤولين عنها، والتحقيق في الاعتداءات على المؤسسات العامة، ورجال الأمن والجيش وتحديد المسؤولين عنها».
وأشار القرار إلى أن اللجنة سترفع تقريرها في هذا الشأن إلى رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع في مدة أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ صدور قرار تشكيلها.