
حذرت محاضرة نظمتها الجمعية الأردنية للبحث العلمي والريادة والإبداع، من خطورة العنف باعتباره قضية تهدد الصحة العامة وتترك آثارا جسدية ونفسية طويلة الأمد على الأفراد والمجتمعات، إلى جانب انعكاساته السلبية على الأنظمة الصحية والاقتصادية.
وقال مدير عام المركز الوطني للطب الشرعي السابق ورئيس لجنة الأخلاقيات الطبية في نقابة الأطباء، الدكتور مؤمن الحديدي، خلال محاضرته التي جاءت بعنوان "الطب الشرعي في حماية المجتمع"، إن استراتيجيات الصحة العامة القائمة على الأدلة تلعب دورا محوريا في الحد من العنف، ويعد الطب الشرعي أداة أساسية في توثيق هذه الحالات وتحليلها، بما يدعم العدالة ويسهم في صياغة سياسات وقائية فعالة.
وأضاف خلال المحاضرة، التي أدارها رئيس الجمعية الدكتور رضا الخوالدة، أن الخدمات الصحية تعد الأقرب للأفراد في التعامل مع آثار العنف، مشددا على دورها الحيوي في تقديم الأدلة للإجراءات القضائية.
ولفت إلى أن العنف الأسري والاعتداءات على الأطفال تترك آثارا طويلة الأمد تتطلب تدخلا متخصصا من مختلف الجهات الصحية والقانونية، موضحا أن خدمات الطب الشرعي السريري تسهم في كشف وتحليل حالات العنف الجسدي واللفظي والجنسي، وتقديم تقارير طبية دقيقة تدعم الضحايا قانونيا.
وأشاد الحديدي، بالجهود المتقدمة التي تبذلها مديرية الأمن العام في هذا المجال، خاصة من خلال مديريات حماية الأسرة والأحداث، والتي أصبحت نموذجا إقليميا في التعامل مع هذه القضايا.
وأكد أن تطور منظومة حماية الطفولة والمرأة من العنف يسير بخطى متقدمة، مشيرا إلى وجود فجوة بين التوقعات المجتمعية ونوعية الخدمات المقدمة، مرجعا ذلك إلى اختلاف ثقافات مقدمي الخدمات في القطاعات الصحية والشرطية والقضائية، داعيا إلى التركيز على التعليم والتدريب المستمر للموارد البشرية.
وفي سياق متصل، أشار الحديدي، إلى أن البحث العلمي الذي تناول جرائم "القتل بداعي الشرف" أدى إلى تطوير تشريعات أسهمت في الحد منها، داعيا إلى الاستمرار في دعم البحث كأداة لتطوير السياسات والتشريعات.
وشدد على أن الأخلاقيات الطبية ملزمة لجميع مقدمي الخدمات الصحية، استنادا إلى المادة الخامسة من قانون المسؤولية الطبية والصحية، والمواثيق الدولية المعنية بالتعامل مع العنف.
وختمت المحاضرة، بجلسة حوارية تطرقت إلى قضايا الانتحار، والعنف في أماكن العمل، وأوقات الأزمات والحروب، مؤكدين على أهمية التوثيق والتدخل الوقائي.
وأجمع الحضور على أن مكافحة العنف مسؤولية جماعية تتطلب تعاونا بين القطاعات الصحية والتعليمية والقضائية والأمنية، من خلال سياسات وقائية فعالة ونهج مؤسسي متكامل.