
أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام نظيره الصيني شي جين بينغ بمستوى «غير مسبوق» للعلاقات بين موسكو وبكين، خلال لقائهما في العاصمة الصينية، في وقت حرص فيه على إظهار تقاربه مع رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وجرت هذه اللقاءات عقب قمة منظمة شنغهاي للتعاون التي استضافتها مدينة تيانجين الصينية. ويقام اليوم الأربعاء عرض عسكري ضخم في بكين، بمناسبة الذكرى الثمانين لنهاية الحرب العالمية الثانية، يحضره أكثر من عشرين زعيماً دولياً وسط إجراءات أمنية مشددة.
وأكد بوتين خلال لقائه شي في بكين، أن العلاقات بين بلاده والصين وصلت إلى مستوى غير مسبوق من التعاون الاستراتيجي، مشدداً على أن موسكو وبكين «كانتا دائماً معاً وستظلان كذلك»، وأكد شي من جانبه أن العلاقات مع روسيا «صمدت أمام التغيرات الدولية»، متعهداً بالعمل مع موسكو لإرساء «نظام حوكمة دولية أكثر عدلاً وإنصافاً».
ووجّه بوتين وشي، انتقادات حادة للغرب. فبينما اتهم الرئيس الروسي الدول الغربية بإشعال فتيل الحرب في أوكرانيا، فيما ندد شي بما وصفه «السلوك المتغطرس» لبعض الدول، في إشارة إلى الولايات المتحدة وحلفائها.
كما التقى بوتين وشي، الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، في ظل احتمال إعادة فرض عقوبات أوروبية على طهران بسبب برنامجها النووي. وأكد شي دعم بكين لسيادة إيران، رافضاً «استخدام القوة لحل الخلافات». وتزامن ذلك مع تحركات دبلوماسية واسعة للصين التي تسعى إلى إبراز منظمة شنغهاي كبديل عن النظام الدولي القائم على الهيمنة الغربية.
وفي سياق موازٍ، التقى بوتين رئيس الوزراء السلوفاكي روبرت فيكو الذي يواجه انتقادات أوروبية بسبب مواقفه المؤيدة لموسكو، وأشاد بوتين ب«السياسة الخارجية المستقلة» لسلوفاكيا.
وحرص بوتين على إظهار دفء العلاقة مع مودي خلال القمة، حيث شوهد الزعيمان وهما يتبادلان أطراف الحديث مبتسمين ويجلسان معاً داخل سيارة واحدة.
وكتب مودي على منصة «إكس»، أنه عقد «اجتماعاً ممتازاً» مع بوتين تناول سبل تعميق التعاون في مختلف المجالات، مؤكداً أن الشراكة الاستراتيجية بين البلدين «تظل ركيزة للاستقرار الإقليمي والعالمي».
من جانبه، أشاد بوتين ب«الثقة والصداقة» التي تميز العلاقة مع الهند.
وفي ملف آخر، استغل شي لقاءه مع رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف للتأكيد على ضرورة تعزيز حماية الرعايا الصينيين الذين يتعرضون لهجمات متكررة، في إطار مشاريع البنية التحتية المرتبطة بمبادرة «الحزام والطريق». وقال شي إن الصين «تدعم باكستان في مكافحة الإرهاب وتأمل أن تتخذ إسلام أباد إجراءات فعالة لضمان سلامة الأفراد والمشاريع الصينية».
في غضون ذلك، تشهد بكين، اليوم الأربعاء، عرضاً عسكرياً ضخماً بمناسبة ذكرى نهاية الحرب العالمية الثانية، يحضره أكثر من عشرين زعيماً دولياً، بينهم بوتين وكيم جونغ أون. ومن المتوقع أن تكشف الصين خلال العرض عن أسلحة جديدة تعكس تنامي قدراتها العسكرية في مواجهة النفوذ الأمريكي. ووفق مصادر كورية جنوبية، من المرجح أن يجري كيم لقاءات ثنائية مع كل من بوتين وشي على هامش الفعاليات.
ويرى مراقبون أن العرض العسكري في بكين، الذي ترافق مع هذه اللقاءات، شكّل رسالة مزدوجة: من جهة إبراز القوة العسكرية الصينية المتنامية، ومن جهة أخرى تعزيز صورة محور موسكو–بكين في مواجهة النظام الدولي القائم. وبمشاركة مودي وكيم وغيرهم من القادة، بدت المناسبة أشبه بمنصة لإظهار تقارب قوى دولية تسعى إلى كسر الهيمنة الغربية وإرساء توازنات دولية جديدة.