الركن الأردني في الأسبوع السعودي للحرف اليدوية....ذاكرة بلدٍ كامل تنبض داخل "بنان"

{title}
همزة وصل   -
على أحد الممرات المكتظة داخل فعاليات "الأسبوع السعودي الدولي للحرف اليدوية – بنان"، يطل الركن الأردني كأنه نافذة صغيرة تطل على روح الأردن بكل ما فيها من لون ورائحة وملمس. منذ اللحظة التي يقترب فيها الزائر، يبدأ الانطباع الأول في التشكل، ترتيب دقيق، قطع مصنوعة بعناية، وعرض يوازن بين الحداثة والأصالة، في حضور لافت يستمر للعام الثالث على التوالي، ضمن مشاركة تنظمها "وزارة الثقافة الأردنية" بهدف تعزيز حضور الحرف التقليدية على منصة عربية واسعة.
وفي مقدمة الركن، تقف مدربة في مجال الحرف هديل الصباحي، وتستقبل الزوار بابتسامة ودودة، وتبدأ حديثها بهدوء يليق بحرف تعرف تاريخها جيدا.
تقول "معنا ٦ حرف متنوعة، وكل سنة نشارك بنماذج جديدة، ومعنا أشخاص جدد".
وتؤكد أن الركن يشهد هذا العام ارتفاعا واضحا في الإقبال، وأن كثيرين يأتون رغبة في الاطلاع على الحرف الأردنية التي تربط بين الذاكرة الشعبية والذوق المعاصر.
تضيف: "وجودنا في بنان مهم لأنه يعطي فرصة حقيقية للتعريف بالمنتج الأردني، ويوفر مساحة نعرف فيها الجمهور بخبرات الحرفيين".
وعلى بعد خطوة واحدة، تقف ديالا كساب، مندوبة وزارة الثقافة، توضح بفخر الأساس الذي بني عليه اختيار المعروضات.
تقول "نريد أن نعرض مجموعة من الحرف، واعتمدنا على أشهر الحرف في كل محافظة".
وتشير إلى الزوايا المختلفة، وكأنها تدل الزوار على خريطة ثقافية مصغرة "الألياف النباتية من البلقاء النحاس، صناعة الورد الملون من العقبة، صناعة الخشب من عجلون، وتصميم الأزياء والسلك والحجر من عمان أيضا".
تضيف: "جمعنا بين عمق الماضي وأصالة الحاضر، وهذا هو المهم بالنسبة لنا".
وفي زاوية خاصة بالعرض، تقف أدوات موسيقية مثل "السمسية" إلى جانب قطع أخرى، لكن وجودها هنا رمزي، فهي معروضة كجزء من الهوية فقط، كإشارة لمكانتها في التراث الأردني، دون استخدامها فعليا في العزف، وتعكس هذه الزاوية الجانب الثقافي المكمل للحرف، حيث تعرض النماذج لا بوصفها منتجات فحسب، بل بوصفها شواهد على حياة كاملة.
يتوقف الزوار أمام كل قطعة، يتأملون تفاصيلها، يسألون عن المواد المستخدمة والزمن الذي يستغرقه صنع كل عمل، وبعضهم يلتقط الصور، والآخر يعود ليشتري قطعة كان مترددا بشأنها.
تقول هديل إن هذا التفاعل هو أجمل ما في المشاركة، فالناس تريد أن ترى وتسمع، وتعرف القصة وراء كل قطعة، ونحن موجودون لنحكي لهم".
أما ديالا، فتؤكد أن مشاركة الأردن في "بنان" تحولت إلى محطة سنوية مهمة، تجمع بين الترويج الثقافي والتواصل مع جمهور واسع.
تقول "وجودنا للعام الثالث على التوالي لم يأت من فراغ، وبنان منصة كبيرة، والناس تحب أن تتعرف على الحرف وتاريخها، ما يعطينا دافعا لنستمر كل سنة".
وبين قطع النحاس المصقولة، والألياف النباتية المجدولة، والورود الملونة القادمة من العقبة، تبدو مساحة العرض الأردنية داخل "بنان" كأنها حكاية صغيرة لبلد كبير، حكاية تروى بصمت عبر القطع وحدها، وتبقى في ذاكرة الزائر حتى بعد أن يغادر الممر المزدحم إلى رواق آخر من أروقة المعرض.
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير