أنــفــلـــونـــــزا الــــــرجـــــــال

{title}
همزة وصل   -

تشتكي العديد من النساء من أزواجهن عند إصابتهم بالانفلونزا أو الأمراض الموسمية الأخرى، وذلك بسبب «مبالغتهم» في التأفف من المرض وقضاء طوال الوقت في حالة راحة تامة إذ لا يكون الرجل قادراً على أداء أي نوع من أنواع المهام. تؤكد الدراسات العلمية الحديثة أن النساء يظلمن الرجال في هذه النقطة، فعدم قدرة الرجل على الحركة عند المرض ليس «دلالاً»، كما قد تعتقد النساء، إنما هي ظاهرة علمية يطلق عليها اسم «انفلونزا الرجال».

ما هي انفلونزا الرجال؟

توصل أحد الباحثين إلى أن الرجال لديهم بالفعل أجهزة مناعية أضعف من النساء، وبالتالي فهم عرضة للمرض بشكل أكبر كما أنهم يشعرون بأعراض المرض بصورة أكبر، لذلك غالباً ما ينتهي بهم الأمر طريحي الفراش عند الإصابة بالأمراض البسيطة الموسمية التي لا تتأثر بها النساء بنفس الطريقة، وأطلق العلماء على هذه الظاهرة اسم «انفلونزا الرجال» للإشارة إلى أن الانفلونزا التي تصيبهم لا تشبه تلك التي تصيب النساء.

بدأ التركيز على دراسة هذه الظاهرة عندما نشر بحث في المجلة الطبية البريطانية عام 2017 يؤكد أن النساء قد يكن مجهزات بيولوجياً بشكل أفضل للتعامل مع المرض مقارنة بالرجال.

بعد ذلك قام الباحث الكندي الدكتور كايل سو بالتعمق أكثر في الأبحاث التي تناولت هذه المواضيع لاستخلاص استنتاجاته حول مسألة انفلونزا الرجال.

كتب كايل سو في مقدمة دراسته، مبرراً أسباب تركيزه على هذه الظاهرة تحديداً: «بما أن حوالي نصف سكان العالم من الذكور، فإن اعتبار أعراض الجهاز التنفسي الفيروسية لدى الذكور «مبالغ فيها» دون أدلة علمية صارمة، يمكن أن يكون له آثار مهمة على الرجال، بما في ذلك عدم توفير الرعاية الكافية».

ومن بين الاستنتاجات المستخلصة من مجموعة الأبحاث التي قام سو بدراستها وجد أن الرجال أكثر عرضة لخطر دخول المستشفى عندما يمرضون، وأكثر عرضة للوفاة بسبب الانفلونزا أو المضاعفات المرتبطة بها مقارنة بنظرائهم من الإناث في نفس العمر. كما أن أمراض الجهاز التنفسي العامة لها تأثير أكبر على الرجال، مع مضاعفات أكثر ووفيات أعلى من النساء.

بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض الأبحاث إلى أن الرجال لديهم جهاز مناعة أقل صحة من النساء، مما يساهم في ظهور أعراض أكثر وأشد تأثيراً.

ومع ذلك، فإن هذا المأزق الظاهر يمكن أن يكون في الواقع نعمة للرجال. وفقاً لسو، فإن إنفاق طاقة أقل في الجهاز المناعي قد ترك لدى الرجال، من الناحية التطورية، المزيد من الطاقة لعمليات أخرى، مثل التكاثر والنمو وما شابه.

ويقول أيضاً إن الكسل في أوقات المرض والذي يدفع الكثير من النساء إلى الجنون يمكن أن يكون متأصلًا في الطبيعة. ويضيف: «الاستلقاء على الأريكة، أو عدم النهوض من السرير، أو تلقي المساعدة في أنشطة الحياة اليومية يمكن أن تكون أيضاً سلوكيات تطورية طورها الذكور فيما مضى للحماية من الحيوانات المفترسة».

في شأن آخر، يخلط الكثيرون بين الإصابة بنزلات البرد والإنفلونزا الموسمية، حيث تزداد حالات الإصابة بها في فصل الشتاء، بسبب انخفاض درجات الحرارة وموجات الطقس شديد البرودة والتي تؤدي لزيادة فرص الإصابة بالإنفلونزا ونزلات البرد.

ومن أهم الفروق أن نزلة البرد هي فيروس للجهاز التنفسي العلوي وأعراضه تكون بسيطة، أما الإنفلونزا فهي فيروس توجد له أنواع كثيرة ومنها ما يسبب حرارة شديدة، وتكسيرا في الجسم، ورشحا شديدا، والتهابا في الحلق.

وينصح الأطباء بضرورة تلقي لقاح الإنفلونزا الموسمية لأنه يقلل فرصة إصابة الشخص بها، كما ينصحون بعدم استخدام المضاد الحيوي لعلاج نزلات البرد والإنفلونزا، لأن المضاد الحيوي يعالج البكتيريا، في حين أن البرد والإنفلونزا من الأمراض الفيروسية، ولن يؤدي استخدام المضاد الحيوي لعلاجهما، بل قد يؤدي الاستخدام الخاطئ له إلى مضاعفات خطيرة.

وتتسبب الإنفلونزا الموسمية في أمراض تتفاوت في شدتها، وتؤدي في بعض الأحيان إلى دخول المستشفى والوفاة. ويتعافى معظم الناس من الحمى وغيرها من الأعراض في غضون أسبوع دون الحاجة إلى عناية طبية. ومع ذلك، يمكن أن تسبب الإنفلونزا الاعتلال الشديد أو الوفاة، لا سيّما بين الفئات المعرضة للخطر الشديد، بما في ذلك صغار السن وكبار السن والحوامل والعاملين الصحيين والأشخاص الذين يعانون من حالات طبية خطيرة. وتتمثل أعراض المرض في الظهور المفاجئ للحمى، والسعال (الجاف عادةً)، والصداع، وآلام العضلات والمفاصل، والتوعُّك الشديد (الشعور بالإعياء)، والتهاب الحلق، ورشح الأنف. وقد يكون السعال شديدًا ويستمر لأسبوعين أو أكثر. وتبلغ المدة التي تفصل بين اكتساب العدوى وظهور المرض يومين تقريبًا.

وفي المناخ المعتدل، تحدث الأوبئة الموسمية خلال فصل الشتاء على وجه الخصوص، بينما في المناطق المدارية، قد تحدث الإنفلونزا على مدار العام، مما يسبب تفشي المرض بصورة غير منتظمة. وتميل الإنفلونزا إلى الانتشار بسرعة في صورة أوبئة موسمية. وقد تتسبب أوبئة الإنفلونزا في عبء اقتصادي نتيجة لانخفاض إنتاجية القوى العاملة واستنزاف الخدمات الصحية.

وبالنسبة للمرضى غير المصنفين ضمن الفئة عالية الخطورة، يركز العلاج على تخفيف أعراض الإنفلونزا مثل الحمى. أما المرضى المصنفون ضمن مجموعة معرضة بشدة للإصابة بمرض خطير أو معقد، فيجب أن يلتمسوا الرعاية الطبية ويجب علاجهم بالأدوية المضادة للفيروسات في أقرب وقت ممكن. ويُستحسن إعطاء مضادات الفيروسات في غضون 48 ساعة من ظهور الأعراض، رغم أن فيروسات الإنفلونزا قد تصبح مقاومة للأدوية. وقد يقلل استخدام مضادات الفيروسات من المضاعفات الحادة والوفيات.