غزة / همزة وصل
تواصت، أمس الأربعاء، مجازر الاحتلال الذي يشن عدوانا على غزة، حيث سقط عشرات الشهداء في قصف عنيف، تزامنا مع عمليات للمقاومة، أبرزها قنص عدد من جنود الجيش الإسرائيلي، الذي أقر بمقتل 10 خلال يومين.
وارتكب جيش الاحتلال مجزرة باستهداف بلوك رقم 2 في مدينة جباليا، ما أدى لاستشهاد 100 من المدنيين.
وتداول عدد من رواد مختلف مواقع التواصل صورا ومقاطع فيديو، تُوثق إنشاء مقبرة جماعية في مدينة جباليا، من أجل دفن أعداد كبيرة
ووفق وزارة الصحة في غزة، فإن 73 شهيدا و 123 إصابة وصلوا إلى مستشفى «شهداء الاقصى» خلال الـ24 ساعة الماضية.
«يموتون في قسم الطوارئ»
وأكدت إدارة المستشفى أن «بعض المرضى يموتون في قسم الطوارئ بسبب نقص غرف العناية المركزة، وأن الأمراض بدأت تنتشر بين النازحين مثل الالتهابات الرئوية والطفح الجلدي».
وتحدثت مصادر محلية عن سقوط شهداء ووقوع جرحى في قصف استهدف مدرسة «الفلاح» التي تؤوي نازحين في حي الزيتون. كما وقعت إصابات بعضها خطيرة؛ جراء إطلاق نار من قبل مسيرات تجاه مدرسة صلاح الدين للنازحين في حي الرمال الشمالي وسط مناشدات لسيارات الإسعاف بالتوجه للمكان.
كما أفادت مصادر بسقوط سبعة شهداء وإصابة 59 آخرين وصلوا إلى مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس خلال الساعات الماضية. وأكدت سقوط عشرات الشهداء وإصابة عدد من الجرحى في غارات عنيفة للاحتلال استهدفت نازحين ورجالاً من الدفاع المدني في شارع النفق.
وسقط شهداء ووقعت إصابات أيضا جراء غارة استهدفت منزلا لآل أبو خبيزة بجوار روضة براعم شمال مسجد القسام في النصيرات.
وحسب وزارة الصحة في غزة، فإن أكثر من 100 جثة داخل مستشفى كمال عدوان لا يسمح الاحتلال بدفنها.
وكانت شوارع مدينة خانيونس التي قال الجيش الإسرائيلي إنه يحاصرها شبه خالية الأربعاء، بينما كان يمكن سماع أصوات الاشتباكات العنيفة بين مقاتلي المقاومة والجنود الإسرائيليين، وفق ما أفاد صحافيون.
وشوهد آلاف المدنيين يفرّون من المنطقة مشيا أو على دراجات نارية أو على عربات محمّلة بأمتعتهم. وهم باتوا محاصرين في منطقة تتقلص مساحتها يوما بعد يوم قرب الحدود مع مصر ويواجهون وضعا إنسانيا كارثيا.
وقال حسن القاضي لـ»فرانس برس» «نحن في وسط منطقة خان يونس. هذه المنطقة كلّها مدنيون ولا يوجد فيها مسلحون. هناك أطفال تائهون يبحثون عن عائلاتهم».
وأضاف: «نحن نريد أن نفهم، إذا كانوا يريدون قتلنا، فليجمعونا في مكان ويبيدونا، نحن لسنا مجرد أرقام نحن بشر».
نتنياهو يزعم حصار منزل السنوار والجيش يكذّبه … والقسّام تواصل عملياتها
ووصل فادي أشي وهو من سكان مدينة غزة إلى رفح بعد رحلة شاقة سيرا على الأقدام. وقال «لم تتوافر سيارات أو أي وسيلة نقل أخرى»، «لجأنا إلى ثمانية أو تسعة منازل قبل الوصول إلى هنا».
امتلاء المقابر
مع تزايد أعداد الشهداء بصفوف المدنيين في قطاع غزة نتيجة الحرب الإسرائيلية، يشتكي أهالي القطاع من امتلاء المقابر بأعداد الشهداء، ما يضطرهم لدفن الموتى في مقابر جماعية لاستغلال المساحة قدر الإمكان.
وقام عشرات من سكان مدينة دير البلح وسط القطاع بدفن نحو 50 شهيدا في مقبرة جماعية جوار مقبرة المدينة التي فقدت إمكانية مواراة أجساد الموتى فرادى لضيق مساحتها، علاوة على ازدياد أعداد الشهداء جراء القصف الإسرائيلي، فصار العثور على شبر في مقابرها أمنية صعبة المنال.
في المكان المتبقي من مقبرة المدينة، يسعى شبان وشيوخ لوضع جثث الشهداء في صفوف متراصة لكسب المساحات قدر الإمكان.
وقال رئيس بلدية دير البلح دياب الجرو، للأناضول: «ندفن موتانا في مقابر جماعية، باتت مقابرنا لا تتسع للعدد الكبير من الشهداء».
وأضاف أن «دير البلح منطقة ادعى الاحتلال (الإسرائيلي) أنها آمنة وقام بتوجيه الناس إليها لكن اليوم ترتكب فيها مجزرة، تقصف فيها البيوت فوق رؤوس ساكنيها».
وتابع: «منزل واحد لآل أبو مصبح ارتقى فيه ما يقرب من 50 شهيدا جلهم من النازحين الذين دُعوا لأن يأتوا إلى دير البلح»، محذرا من أن «قطاع غزة يمر اليوم بكارثة حقيقية».
وأردف: «أدعو هنا كل المختصين والمعنيين والإعلاميين أن يبحثوا عن مرادفات ومفاهيم أعمق من مفهوم كلمات مثل الكارثة والمجزرة والجريمة والإبادة وغيرها لأننا تجاوزنا كل هذه المعاني وكل هذه المرادفات والمفاهيم».
وزاد: «ما يحصل في قطاع غزة ودير البلح على وجه الخصوص تجاوز كل هذه المفاهيم».
وتعيش دير البلح كبقية أماكن أخرى وسط وجنوب القطاع، محنة متضاعفة، جراء نزوح سكان من شمال القطاع إليها تحت أوامر السلطات الإسرائيلية باعتبارها أماكن آمنة، غير أنهم باتوا يواجهون في مناطق النزوح الجديدة، مسلسلا آخر من القصف المستمر والموت المتزايد.
المقابر لا تكفي
سعدي البركة، مسؤول مقبرة أنصار دير البلح، قال إن مقبرة البلدية لم يعد فيها مكان لاستيعاب مزيد من الموتى، وأنهم يجهزون مقبرة قديمة عمرها 40 سنة لدفن قتلى الحرب فيها.
وأوضح البركة للأناضول أن جميع القتلى الذين تم دفنهم في الآونة الأخيرة، جلهم مدنيون من النساء والأطفال، ولا يوجد فيهم أي مقاتل من حركة «حماس».
وأضاف أن الجيش الإسرائيلي «يقتل النساء ويكذب على شعبه بأنه يقتل عناصر في حماس»، داعيا لوقف الحرب وإحلال السلام.
«حتى آخر نقطة دم»
يحكي الفلسطيني عمر ناصر، من سكان دير البلح طرفا من معاناة سكان المدينة من القصف الإسرائيلي المتكرر، قائلا: «بالأمس (الثلاثاء) كنا موجودين في دير البلح فسمعنا صوت قصف في شارع أبو حسني».
وزاد ناصر: «وجدنا مجزرة ارتكبت بحق نازحين لا علاقة لهم بالمقاومة.. قالت لهم إسرائيل انزحوا من شمال غزة فتم استهدافهم بدير البلح. أطفال ونساء ما ذنبهم؟».
واعتبر أن استهداف نازحين عزّل «يدل على فشل قوات الاحتلال»، مضيفا أن «غزة ستظل صامدة وستظل تضحي من أجل فلسطين والقدس. نحن مع المقاومة حتى آخر نقطة دم».
عمليات للقسّام
في الموازاة، أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية «حماس»، الأربعاء، قنص 6 جنود إسرائيليين في محور شرق مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة.
وقالت في بيان عبر منصة «تلغرام» إن «مقاتليها تمكنوا من قنص 4 جنود صهاينة في محور شرق مدينة خان يونس ويصيبونهم إصابات محققة».
وفي بيان آخر ذكرت أن مقاتليها «تمكنوا من قنص جنديين صهيونيين في منطقة القرارة شرق مدينة خان يونس».
وأشارت إلى أنها «قصفت موقع كيسوفيم (الإسرائيلي) شرق مدينة خان يونس بمنظومة الصواريخ (رجوم) قصيرة المدى من عيار 114ملم».
وأضافت في بيان ثالث، أنها قصفت «قوات العدو المتوغلة في المناطق الشرقية لخان يونس بوابل من قذائف الهاون من العيار الثقيل».
ولفتت إلى أنها «استهدفت منزلاً تحصن فيه عدد من جنود الاحتلال بقذيفة أفراد والأسلحة الرشاشة في محور شرق مدينة خان يونس»
وأشارت في بيان آخر إلى أنها «استهدفت ناقلة جند صهيونية ودبابة ميركفاه في محور شمال مدينة خانيونس بقذائف الياسين 105».
وفي شمال قطاع غزة ذكرت في بيان، أن مقاتليها «تمكنوا من استهداف 12 آلية صهيونية للعدو في محور التوغل بمشروع بيت لاهيا».
ونشرت مقطعا مصورا يظهر تصدي مقاتليها لآليات ودبابات الاحتلال في قطاع غزة. ويظهر في المقطع عدد من مقاتلي القسام وهم يستهدفون آليات الاحتلال في منطقة الشجاعية بقذائف الياسين، ويظهر فيه أيضا اشتعال النار فيها.
كما أعلنت «قصف قاعدة رعيم العسكرية الإسرائيلية (جنوب إسرائيل) برشقة صاروخية
وأقر جيش الاحتلال بمقتل ضابط وإصابة جندي بجروح خطيرة، ما يرفع الحصيلة المعلنة رسميا لعدد قتلاه خلال يومين إلى 10.
وقال في بيان نشره على موقعه الرسمي إن: «الرقيب أول (احتياط) عادي شاني (39 عاماً) من تسور يتسحاق (وسط)، مقاتل في اللواء 6036 لوجستي، قتل في معركة بشمال قطاع غزة. وهذا الضابط هو الثالث الذي أعلن الجيش مقتله، الأربعاء، وبذلك ترتفع حصيلة قتلى الجيش منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى 411 وفق المصدر ذاته.
وتابع الجيش في بيانه: «بالإضافة إلى ذلك، أصيب مقاتل من الكتيبة 424، لواء جفعاتي، بجروح خطيرة خلال معركة شمال قطاع غزة. وتم نقله لتلقي العلاج الطبي وإبلاغ ذويه».
الثلاثاء، أعلن الجيش الإسرائيلي، عبر ثلاثة بيانات، مقتل 7 ضباط وجنود في معارك بقطاع غزة.
وأقر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، خلال مؤتمر صحافي مشترك، مساء الثلاثاء، جمعه برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والوزير بمجلس الحرب بيني غانتس، بدفع «أثمان باهظة جدا» منذ بدء الحرب على قطاع غزة في 7 أكتوبر.
في حين، زعم قائد أركان الجيش الإسرائيلي، أمس هرتسي هاليفي في بيان «قواتنا تحاصر خان يونس في جنوب قطاع غزة. لقد سيطرنا على الأمن في معاقل عدة لحماس في شمال قطاع غزة ونجري عمليات الآن ضد معاقلها في الجنوب». وأضاف «قواتنا تعثر على أسلحة في كل الأبنية والمنازل تقريبا وعلى إرهابيين في منازل كثيرة وتواجههم». فيما ادعى نتنياهو أن القوات الإسرائيلية طوقت منزل زعيم حركة حماس في غزة يحيى السنوار في غزة.
وأضاف في بيان مصور مسجل «قلت إن قواتنا يمكن أن تصل إلى أي مكان في قطاع غزة. واليوم تحاصر منزل السنوار. قد لا يكون متحصنا في منزله ويمكنه الهروب لكن الأمر مجرد مسألة وقت قبل أن نمسك به».
ولاحقا، وفيما بدا تكذيبا لنتنياهو قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن السنوار «غير موجود فوق الأرض وهو تحت الأرض».
وأضاف أن «مهمة الجيش هي الوصول إليه وقتله»، حسب تعبيره.