تباينت ردود الفعل الدولية حول قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ طويلة المدى ضد أهداف في روسيا لأول مرة بين مؤيد ومعارض، فالبعض اعتبر أن أوروبا تضرب النار على ساقيها، بإشعال فتيل حرب مباشرة بين أوروبا من جهة وروسيا من الجهة الأخرى، بينما رأى البعض أن نفق الحرب نهايته ناراً وليس نوراً، داعين جميع الأطراف لتهدئة النزاع واللجوء للدبلوماسية، في حين دعم آخرون القرار معتبرين أن بايدن اتخذ القرار الأصوب، وفقاً لمنظورهم عن الأوضاع هناك.
رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، بالدعم الصاروخي الأمريكي، معتبراً الأمر انتصاراً خاصاً، وقال الأحد، عن سماح الولايات المتحدة لبلاده باستخدام أسلحة أمريكية بعيدة المدى داخل روسيا إن "الصواريخ ستتحدث عن نفسها".
وأضاف زيلينسكي، على تيليغرام: "اليوم، هناك الكثير من الحديث في وسائل الإعلام حول حصولنا على تصريح لإجراءات معينة، لا يتم تحقيق الضربات بالكلمات، مثل هذه الأشياء لا تحتاج إلى إعلانات، الصواريخ ستتحدث عن نفسها".
روسيا
في الوقت نفسه وعلى الصعيد الروسي نفسه، هونت موسكو من تبعات قرار بايدن، وتأثيره على ميزان الحرب، وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن القوات الأوكرانية تشن ضربات في عمق الأراضي الروسية منذ فترة طويلة، لكن استخدام الأسلحة الغربية بعيدة المدى لهذا الغرض سيعني أن الجيش الغربي هو الذي سينفذ بشكل مباشر مهاجمة الأراضي الروسية.
وأضاف: "نحن لا نتحدث عن السماح أو منع نظام كييف من تنفيذ ضربات على الأراضي الروسية، فهو يفعل ذلك على أي حال.. لكن عندما يتعلق الأمر باستخدام أسلحة دقيقة بعيدة المدى، فهذه قصة مختلفة تماما".
وأوضح الرئيس الروسي أن "الجيش الأوكراني غير قادر على تنفيذ ضربات بالأسلحة عالية الدقة بعيدة المدى، لأن ذلك لا يمكن القيام به إلا باستخدام الأقمار الصناعية الأمريكية والأوروبية".
ووفق بوتين فـ "من المهم للغاية، وربما الأساسي، أن مهام الطيران لهذه الأنظمة الصاروخية، في الواقع، لا يمكن تنفيذها إلا من قبل أفراد عسكريين من دول الناتو.. نحن نتحدث عن اتخاذ قرار بشأن ما إذا كانت دول الناتو تشارك بشكل مباشر في الصراع أم لا".
وشدد الرئيس الروسي على أنه "إذا تم اتخاذ هذا القرار فلن يعني سوى المشاركة المباشرة لدول حلف شمال الأطلسي: الولايات المتحدة والدول الأوروبية في الحرب في أوكرانيا".
وقال وزير الخارجية سيرغي لافروف إن الحديث عن قصف القوات الأوكرانية لعمق الأراضي الروسية بأسلحة غربية هو لعب بالنار وقد يسفر عن عواقب خطيرة.
تأييد فرنسي وإنجليزي
وكشفت صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، أن فرنسا وإنجلترا اتخذتا خطوات مماثلة للقرار الأمريكي، إذ سمحتا لأوكرانيا باستخدام صواريخ طولية المدى من طرازات سكالب وستورم شادو لتنفيذ ضربات في العمق الروسي لكن لم يتم الإعلام رسمياً.
وهو ما يجعل الحليفين الإنجليزي والفرنسي متضامنين مع الوضع المتقد بين روسيا وأوكرانيا، ومتحدين مع القرار الأمريكي، الذي يزيد من النيران المشتعلة بين الطرفين.
الصين
وفي الصين كان رفض التصعيد عنواناً بارزاً خشية اشتعال الأوضاع في شرق أوروبا، ومعارضين لأي تصعيد يضر بمصالح القارة، وقالت السفارة الصينية في واشنطن، تعليقا على قرار الرئيس جو بايدن السماح لأوكرانيا بقصف العمق الروسي بصواريخ ATACMS، إن بكين تعارض كل ما يؤدي إلى تصعيد الصراع وزيادة التوتر.
وقال السكرتير الصحفي للسفارة الصينية في واشنطن ليو بينغيو، في حديث لمراسل تاس: "موقف الصين بشأن الأزمة الأوكرانية ثابت وواضح. والصين ملتزمة بدفع مفاوضات السلام قدما وتعارض أي خطوات من شأنها أن تؤدي إلى زيادة التوتر وتأجيج الوضع في المنطقة".
وشدد ممثل السفارة الصينية على أن بلاده، تدعو للتوصل إلى حل دبلوماسي سلمي للصراع في أوكرانيا.
وقال: "بدلا من صب الزيت على النار وتأجيج الصراع، يتعين على الأطراف المعنية أن تسعى جاهدة لتهيئة الظروف لتسوية سياسية للأزمة الأوكرانية، من خلال الحوار والمفاوضات وبذل جهود عملية للحفاظ على السلام".
ألمانيا
أما في ألمانيا فقد وقفت بشكل ما على الحياد، مدركة خطورة الانجراف في تلك الحرب الروسية الأوكرانية، وتمسك المستشار الألماني أولاف شولتس برفضه تسليم صواريخ كروز طويلة المدى من طراز "تاوروس" إلى أوكرانيا، حتى بعد تغيير الحكومة الأمريكية مسارها.
وقال نائب المتحدث باسم الحكومة الألمانية فولفغانغ بوشنر في برلين اليوم الاثنين: "نعم، تم إبلاغ الحكومة الألمانية بهذا الأمر، ولا، ليس له أي تأثيرات على قرار المستشار بعدم تسليم تاوروس".
وذكرت تقارير إعلامية أمريكية أن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن سمح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمز" التكتيكية التي يبلغ مداها عدة مئات من الكيلومترات ضد أهداف في روسيا لأول مرة. ويهدف هذا في المقام الأول إلى المساعدة في صد الهجوم المضاد الذي تشنه القوات الروسية وربما الكورية الشمالية على رأس الجسر الأوكراني في منطقة كورسك.
وقالت متحدثة باسم وزارة الدفاع الألمانية إن الأسلحة التي سلمتها ألمانيا لأوكرانيا صارت "أسلحة أوكرانية، ويُسمح بالطبع باستخدامها في إطار القانون الدولي"، وأضافت: "وجميع الأسلحة التي نوردها لا تندرج ضمن فئة الأسلحة بعيدة المدى".
إيطاليا
أما الموقف الإيطالي فقد جاء دبلوماسياً، مغلفاً بالموافقة في إطار من الرفض، حيث كرر وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني الاثنين، في بروكسل، موقف بلاده بشأن الأسلحة الموردة إلى أوكرانيا، مشددا على أنه "لا يمكن استخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية فقط".
وأعلن تاياني على هامش اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي أن "موقفنا بشأن استخدام أوكرانيا للأسلحة لم يتغيّر. لا يمكن استخدامها إلا داخل الأراضي الأوكرانية".
صربيا
وفي صربيا، لقي القرار معارضة شديدة من قبل السياسيين الصربيين، مطالبين بوقف التصعيدات الجالبة للنيران والتي تدخل أوروبا في نفق نهايته خطيرة على القارة، وقال نائب رئيس وزراء صربيا ألكسندر فولين إن قرار جو بايدن السماح لكييف بشن ضربات في عمق الاتحاد الروسي بصواريخ أمريكية، والذي تناقلته وسائل الإعلام، سيجلب عواقب وخيمة لكل العالم.
وأضاف: "لا يمكن أن تقوم حكومة صربية بعد خسارة الانتخابات باتخاذ القرار الذي يمكن أن تكون له عواقب بعيدة المدى على صربيا، تماما مثل ذلك القرار الذي اتخذه الرئيس المنتهية ولايته بايدن، والذي جعل من الممكن استخدام الأسلحة الأمريكية بعيدة المدى ضد روسيا. هذا القرار ستكون له عواقب وخيمة على العالم أجمع".
ويرى المسؤول الصربي، إنه "إذا كان الغرض من هذا القرار، هو البداية الرسمية للحرب العالمية الثالثة، فقد تم اتخاذه في الوقت المناسب".
ماسك
وأبدى رجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك مخاوفه بشأن قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمس" في ضرب العمق الروسي، محذرا من رد روسي محتمل.
ودون ماسك على حسابه الرسمي على منصة "إكس": "المشكلة هي أن روسيا سوف ترد بالمثل".
وسبق أن تحدث ماسك مرارا وتكرارا عن الحاجة إلى تهدئة الصراع في أوكرانيا والبحث عن طرق دبلوماسية لحله.
نجل ترامب
واتهم دونالد ترامب الابن، نجل الرئيس الأمريكي المنتخب، مجمع الصناعات العسكرية الأمريكي بالسعي إلى إشعال الحرب العالمية الثالثة على خلفية قرار إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخ "أتاكمس" في ضرب العمق الروسي، محذرا من رد روسي محتمل.