مع تقدم الأبحاث في علم الأعصاب، يثار سؤال طموح: هل يمكن استرجاع الذكريات من دماغ شخص متوفى؟ رغم التحديات التقنية الهائلة التي تواجه هذا المفهوم، فإن التطورات العلمية في فهم آليات تخزين الذكريات تفتح الباب أمام إمكانيات مستقبلية مثيرة.
أحرز العلماء تقدمًا كبيرًا في دراسة كيفية تخزين الذكريات في الدماغ، حيث تم تحديد مفهوم "الإنجرامات" - البصمات الفيزيائية للذكريات التي تتشكل من خلال مجموعات متصلة من الخلايا العصبية، وفقا لموقع gadgets360.
وتشير الأبحاث المنشورة في مجلة Nature إلى أن الإنجرامات تتمركز في البداية في منطقة الحُصين، وهي أساسية لتكوين الذاكرة، قبل أن تُوزّع على مناطق مختلفة من الدماغ لتعزيزها.
ومع ذلك، أوضح دون أرنولد، عالم الأعصاب بجامعة جنوب كاليفورنيا، أن الإنجرامات تمثل البنية المادية للذكريات، لكنها ليست الذاكرة ذاتها، ما يجعل استرجاعها أمرًا معقدًا للغاية.
وفقًا لتشاران رانجاناث، مدير برنامج الذاكرة والمرونة بجامعة كاليفورنيا، فإن الذاكرة البشرية ليست مجرد تسجيل ثابت للأحداث، بل هي عملية ديناميكية تتضمن استدعاء أجزاء من المعلومات وملء الفجوات بالتفسير.
هذه الطبيعة الديناميكية تجعل من الصعب إعادة بناء ذكريات دقيقة بعد الوفاة، خاصة وأن الذكريات المرتبطة بالعواطف أو التفاصيل الحسية يتم تخزينها في مناطق دماغية متعددة.
رغم أن التكنولوجيا الحالية تعجز عن استخراج الذكريات من الدماغ بعد الوفاة، فإن العلماء لا يستبعدون إمكانية تحقيق ذلك نظريًا في المستقبل.
قد يتطلب هذا تطور تقنيات قادرة على مسح الدماغ باستمرار طوال حياة الشخص، لرسم خريطة تفصيلية للشبكات العصبية المسؤولة عن تكوين الذكريات واسترجاعها.
حتى الآن، يتفق الخبراء على أن الذكريات تموت مع الإنسان، إذ لا توجد طريقة عملية أو موثوقة لإعادة خلق التجارب التي عاشها. ومع ذلك، يبقى هذا المجال واعدًا بالبحث ويستحق الاستكشاف، رغم التحديات العلمية والأخلاقية.