
في كل رشفة من مشروباتنا اليومية، قد لا نتذوق سوى القهوة أو العصير، لكن الحقيقة أن ما يصل إلى أجسامنا يتجاوز ذلك بكثير.
وقد كشفت دراسة حديثة أن معظم المشروبات المبيعة في المتاجر والمقاهي تحتوي على جسيمات بلاستيكية دقيقة غير مرئية، لتطرح أسئلة مقلقة حول المخاطر الصحية التي قد نتعرض لها من دون أن ندري.
ما الذي يختبئ في كوبك؟
قد لا يكون ما في قاع الكوب مجرد ثلج ذائب أو بقايا لبّ الفاكهة، حيث وجدت دراسة بريطانية شيئاً أخطر بكثير، وهي جزيئات البلاستيك، بحسب صحيفة نيويورك بوست.
اختبر باحثون من جامعة برمنغهام 155 عينة من أشهر المشروبات المبيعة في متاجر السوبرماركت والمقاهي البريطانية، ووجدوا جسيمات بلاستيكية دقيقة في كل عينة دون استثناء.
تفاوت كبير بين المشروبات
رغم أن التلوث كان واسع الانتشار، إلا أن تركيز هذه الجسيمات المزعجة اختلف بشكل كبير من مشروب لآخر، مع وجود عامل مفاجئ تسبب في ارتفاع ملحوظ لنسب التلوث وهو السخونة.
وتبين أن أعلى تركيز من الميكروبلاستيك وُجد في الشاي الساخن والقهوة الساخنة، بينما أظهرت عينات الشاي والقهوة المثلجين نسباً أقل بكثير، مما يشير إلى أن الحرارة وطرق التحضير تلعب دوراً في زيادة التسرب البلاستيكي.
أكواب الاستخدام الواحد.. خطر إضافي
أوضحت الدراسة أن أكواب الشاي الساخن المصنوعة للاستخدام لمرة واحدة تحتوي على أعلى مستويات من الميكروبلاستيك بمعدل 22 جسيماً في الكوب، مقابل 14 جسيما في الأكواب الزجاجية.
كما تبين أن أكياس الشاي الفاخرة تُسرب كميات أكبر من البلاستيك، بمعدل يتراوح بين 24 و30 جسيماً في الكوب.
وفي القهوة الساخنة، أشار الباحثون إلى أن الأكواب الورقية والمغلفة بطبقة بلاستيكية تُعد المصدر الأساسي للجسيمات المكتشفة.
ما هي الجسيمات البلاستيكية الدقيقة؟
الجسيمات البلاستيكية أو ما يعرف باسم «الميكروبلاستيك» عبارة عن شظايا صغيرة من البلاستيك يتراوح حجمها بين 1 نانومتر و5 مليمترات، وهي بقايا تتحلل من قطع بلاستيكية أكبر مع مرور الوقت.
توجد هذه الجسيمات في منتجات التنظيف، الملابس، مستحضرات التجميل، وحتى في الهواء الذي نتنفسه والطعام الذي نأكله.
وخطورتها تكمن في أن ترسيبها داخل الجسم على المدى الطويل يؤدي إلى الإصابة بأمراض الدماغ وأنواع مختلفة من السرطان.
لماذا تعد جزيئات البلاستيك في المشروبات قنبلة صحية صامتة
عند شرب الشاي أو القهوة أو العصائر الملوثة بالميكروبلاستيك، تدخل هذه الجسيمات الدقيقة مباشرة إلى الجهاز الهضمي، ومنها يمكن أن تعبر إلى مجرى الدم وتصل إلى أعضاء مختلفة.
وأثبتت دراسات سابقة أن الميكروبلاستيك وُجد في:
الدم
الدماغ
الرئتين
الكبد والكلى
وحتى في المشيمة عند النساء الحوامل
هذا يعني أنها قادرة على التراكم في أنسجة حساسة، مما قد يؤثر في عمل الأعضاء الحيوية.
والميكروبلاستيك ليس مجرد «قطع بلاستيكية صغيرة»، بل يحتوي على مواد كيميائية خطيرة مثل:
الفثالات (Phthalates)
البيسفينول A (BPA)
معادن ثقيلة ومواد مضافة أخرى
هذه المواد تُعرف بتأثيراتها السامة على الهرمونات (اضطراب الغدد الصماء) وقد ترتبط بمشاكل مثل العقم، السمنة، السكري، وأمراض القلب.
كما أن الجسيمات البلاستيكية قد تثير ردود فعل التهابية في الأنسجة، ومع مرور الوقت يمكن أن تسهم في:
تسريع شيخوخة الخلايا
زيادة احتمالات أمراض القلب والأوعية
رفع مخاطر السرطان
التأثير على جهاز المناعة
خطوات عملية لتقليل التعرض للبلاستيك
قدّم ليوناردو ترساندي من جامعة نيويورك لانغون، نصائح للحد من استهلاك البلاستيك وسمومه:
1- استخدام أوعية من الزجاج أو الفولاذ بدل البلاستيك.
2- تجنب تسخين الطعام أو المشروبات بالبلاستيك في الميكروويف.
3- عدم غسل البلاستيك في غسالة الصحون.
41 فحص رموز إعادة التدوير والابتعاد عن البلاستيك برمز (3) لاحتوائه على المواد الضارة.
كما ينصح الخبراء بحمل حقائب قابلة لإعادة الاستخدام عند التسوق، والاستغناء عن الأكياس البلاستيكية في تنظيف الملابس، وإحضار كوب وأدوات شخصية إلى المكاتب والمقاهي لتقليل المنتجات أحادية الاستخدام.