النشامى حولوا الرياضة إلى موقف وطني !!!

{title}
الدكتور بسام روبين
همزة وصل   -
ليس الفوز بالكؤوس وحده ما يصنع قيمة الدول، ولا الميداليات وحدها ما يحدد مكانة الأوطان ،
ففي عالم السياسة وصراع الحضور والهيبة، هناك رسائل ترسل بلا بيانات رسمية، ومواقف تعلن من ميادين غير تقليدية، والرياضة واحدة من أهمها.
من هنا، لا يمكن النظر إلى ما قدمه منتخب النشامى بوصفه مشاركة رياضية فحسب، بل بإعتباره فعل حضور وطني ورسالة سيادية تعبر عن هوية الأردن وصلابة مجتمعه وقدرته على المنافسة بشرف.
 فقد دخل النشامى الملعب وهم يدركون أنهم لا يمثلون فريقا فقط، بل يمثلون دولة وشعبا وراية ، فلم يظهروا بروح الضعف أو عقلية التابع، بل بعقلية الند وبسلوك الفريق الذي يعرف حجمه الحقيقي، ويثق بقدرته على المواجهة.
فقاتلوا على كل كرة، والتزموا بالإنضباط، وإحترموا المنافس، ولم يتنازلوا عن كرامة الأداء، وهي معادلة لا تقل أهمية عن أي نتيجة رقمية.
فقد لا يكون الكأس قد حمل هذه المرة، لكن الأردن خرج حاضرا، مرئيا، ومحترما.
وهذه مكاسب سياسية ومعنوية لا تقاس بالألقاب وحدها، بل بتثبيت الصورة لدولة ثابتة، ومجتمع متماسك، وشباب قادر على تمثيل بلده بمسؤولية ،
في مرحلة إقليمية معقدة، وفي ظل ضغوط إقتصادية وتحديات سياسية داخلية وخارجية، جاء أداء النشامى ليؤكد أن الأردن، رغم كل الظروف، ما زال قادرا على إنتاج نماذج إيجابية، وتقديم خطاب وطني جامع، بعيدا عن الإنقسام والإحباط.
فتحولت المدرجات إلى مساحة وحدة وطنية، والهتاف إلى تعبير عن وعي جمعي ، والنتيجة  مهما كانت إلى رسالة مفادها أن هذا الشعب يعرف كيف يقف خلف مؤسساته وممثليه حين يشعر بالصدق والإنتماء.
فالنشامى لم يحققوا بطولة فحسب، بل أكدوا معنى أعمق
وهو أن التمثيل الوطني مسؤولية، وأن الكرامة خط أحمر، وأن الخسارة بشرف أقوى أثرا من فوز بلا روح.
فتحية لكل لاعب إلتزم بالقميص كإلتزامه بالعلم.
وتحية للجهاز الفني الذي آمن بالقدرة لا بالشعارات.
وتحية لشعب يدرك أن قيمة الوطن لا تختزل في كأس،
بل في ثبات الموقف، ووضوح الرسالة، وإحترام الذات.
ويبقى النشامى على الرأس،
فازوا أم لم يفوزوا،
لأنهم حين دخلوا الملعب،
دخلوا بإسم الأردن وخرجوا مرفوعي الرأس.

العميد المتقاعد الدكتور بسام روبين
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير