صقور الأردن تحرق أوكار المخدرات في السويداء !!!

{title}
الدكتور بسام روبين
همزة وصل   -
في ليلة بدت ساكنة على غير عادتها، دوت السماء فوق ريف السويداء الجنوبي بغارات نفذتها طائرات سلاح الجو الأردني، مستهدفة مواقع مشبوهة تستخدم، بحسب التقديرات، كنقاط إرتكاز لشبكات تهريب المخدرات والأسلحة ، ولم تكن هذه العملية الأولى من نوعها، لكنها حملت دلالة خاصة، إذ جاءت ضمن سياق متصاعد من المواجهة مع آفة عابرة للحدود باتت تهدد أمن الأردن وإستقرار الإقليم بأسره، وتفرض نفسها كأحد أخطر التحديات الأمنية في المرحلة الراهنة.
فإختيار السويداء لم يكن عشوائيا ، فهذه المنطقة الجبلية، التي لطالما تمتعت بخصوصية جغرافية وإجتماعية، تحولت في السنوات الأخيرة إلى بيئة جاذبة لشبكات التهريب التي إستغلت هشاشة الوضع الأمني في الجنوب السوري وتراجع سلطة القانون في بعض المناطق. ومن هذا المنطلق، حمل التحرك الأردني رسالة واضحة لا لبس فيها ، أمن الحدود الأردنية خط أحمر، ولن يسمح بتحويل الفوضى المحيطة إلى ممر آمن للمخدرات والسلاح.
وفيما يتعلق بالخلفيات الأوسع لهذه الشبكات، تشير تقارير ومصادر متداولة إلى وجود دعم وتمويل خارجي إسرائيلي لبعض الجماعات الخارجة عن القانون، وهي إتهامات تطرح في سياق الصراع الإقليمي المعقد وتشمل أطرافا متعددة ، ويعتقد أن هذا التمويل، أيا كان مصدره، يسهم في توفير السلاح والمخدرات وتوسيع نطاق التجنيد، ما يزيد من خطورة هذه الشبكات وقدرتها على تهديد الأمن المحلي والإقليمي، ويغذي في الوقت نفسه دوامات العنف والجريمة المنظمة.
أما على مستوى النتائج المباشرة، فقد أسهمت الغارات في إلحاق أضرار ملموسة ببنية التهريب، عبر تدمير مخازن ومواقع يشتبه بإستخدامها لتخزين المخدرات والأسلحة، فضلا عن توجيه إنذار عملي لشبكات التهريب بأن حركتها باتت مكشوفة وملاحقة ، كما عكست هذه العمليات تصميما أردنيا على لعب دور فاعل في الجهد الإقليمي لمكافحة تجارة المخدرات، بوصفها خطرا مشتركا لا يمكن لأي دولة مواجهته منفردة.
والقوات المسلحة الأردنية، التي يشار إليها بحق بصقور الأردن، أكدت من خلال هذه العملية جاهزيتها العالية وقدرتها على إتخاذ قرارات حاسمة عندما يتعلق الأمر بحماية الأمن الوطني ، فالتحرك في عمق مناطق تشهد تعقيدات ميدانية وسياسية ليس قرارا سهلا، لكنه يعكس عقيدة راسخة مفادها أن الوقاية الإستباقية أقل كلفة من إنتظار الخطر حتى يصل إلى الداخل.
وتفتح هذه الغارات الباب أمام تساؤلات أوسع حول المرحلة المقبلة ، فالمواجهة العسكرية وحدها، رغم ضرورتها، لا تكفي لإجتثاث شبكات عابرة للحدود تمتلك المال والمرونة. من هنا، تبرز الحاجة إلى تعاون إقليمي ودولي أكثر تنسيقا، يجمع بين الجهد الأمني والعمل الإستخباري والمعالجة الإقتصادية والإجتماعية لجذور الظاهرة. فهل تكون هذه الضربات خطوة أولى في مسار طويل نحو تضييق الخناق على شبكات التهريب وإنهاء نفوذها في المنطقة؟ الأيام القادمة كفيلة 
بالإجابة.
حفظ الله صقور الأردن 
العميد المتقاعد
الدكتور بسام روبين
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير