السينما الأردنية في ربع قرن: طَرق متزايد على "الكلاكيت السينمائي" ومأسسة لصناعة "الفن السابع"

{title}
همزة وصل   -
أُسست الهيئة الملكية الأردنية للأفلام في عام 2003 بهدف تطوير صناعة أفلام أردنية قابلة للتنافس عالميا
افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني في عام 2023 مجمع الاستوديوهات المتخصص الأول في المملكة لصناعة الأفلام
صناعة السينما تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير يمتد إلى ما هو أبعد من الشاشة الفضية
حققت صناعة الافلام إنفاقا بقيمة 519 مليون دولار في قطاع الصناعات الإبداعية منذ 2007 وفرص توظيف لنحو 134 ألف شخص
منذ تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، خضع المشهد السينمائي لدفعة لافتة عبر وضع إطار مؤسسي ينظم عمل البيئة السينمائية الأردنية، لتزداد أصوات الطرق على قطعة "الكلاكيت" ويتردد صدى "أكشن" بشكل أكثر تكرارا.
فعلى مدار 25 عاما تسارع دوران بَكَرة الشريط السينمائي معلنة عرضا فنيا متواصلا للأفلام، بدا جليا في انتقال "الفن السابع" لمرحلة أكثر كثافة وتطورا في الأردن تحاول تمكين السينما كأداة ثقافية قوية أساسية لصقل الهوية المجتمعية وتعزيز الانفتاح.
مأسسة صناعة السينما
في 2003، أُسست الهيئة الملكية الأردنية للأفلام بهدف تطوير صناعة أفلام أردنية قابلة للتنافس عالميا، وهي مؤسسة عامة مستقلة، يديرها مجلس المفوّضين برئاسة الأمير علي بن الحسين.
وترصد للهيئة مخصصات مالية في الموازنة العامة، وتحصل على مساعدات وهبات وتبرعات ومنح وريع الأموال المنقولة وغير المنقولة التي تمتلكها الهيئة، بالإضافة إلى عوائد مشاريع الإنتاج والمشاريع الاستثمارية التي تقدمها الهيئة أو تشارك فيها.
وفي 2011 تأسس صندوق الأردن لدعم الأفلام بهدف دعم المشاريع السينمائية، وتمكين السينمائيين الأردنيين والعرب، بمبادرة وبدعم من الهيئة الملكية الأردنية للأفلام، ودعم الصندوق 152 فيلما طويلا وقصيرا.
يقول المدير العام للهيئة مهند البكري لـ"المملكة"، إن الهيئة نجحت خلال 20 عاما بـ"مأسسة صناعة السينما" من خلال دعمها المتواصل على مستويات عدة من ناحية تقديم الخدمات الإنتاجية للأفلام العالمية التي تصور في الأردن و بناء القدرات والتدريب لفرق محترفة وصندوق دعم الأفلام بالإضافة إلى نشر ثقافة السينما.
ويشير البكري إلى العمل على هذه المحاور مع شركاء في القطاعين العام والخاص وكذلك شركاء عالميين.
في 2020، رأى مهرجان "عمّان السينمائي" النور في الأردن، والذي يسلط الضوء على المواهب العربية والأردنية الصاعدة، وتجذب أعمالها جمهوراً محلياً ودولياً متزايداً.
تقول رئيسة المهرجان، الأميرة ريم علي، إن الهدف المنشود هو "تطوير وتعزيز سينما عربية تعكس إبداع المنطقة وتعالج قضاياها الراهنة".
وتعد الميزة الأساسية للمهرجان هي التركيز على الأعمال الأولى، ويقدّم مهرجان عمّان السينمائي الدولي – أول فيلم برنامجاً تحفيزياً متكاملاً لصنّاع الأفلام الطموحين في الأردن والمنطقة.
مستقبل "مشرق" إنتاجيا
يرى البكري أن السينما الأردنية في حالة تطور متسارع من حيث الجودة والكمية، ومهرجانات الأفلام حول العالم لا تكاد تخلو من أفلام أردنية سواء روائية أو وثائقية أو طويلة أو قصيرة.
وتوقع "كثافة إنتاجية أعلى خلال الفترة المقبلة"، وتحدث عن "مستقبل مشرق للسينما الأردنية على المستويين الثقافي والاقتصادي".
وخلال العقدين الماضيين، أُنتج 31 فيلما أردنيا و6 أفلام مع شركاء من دول أخرى، وفق الهيئة التي ساهمت بتسهيل إنتاج 112 فيلما أجنبيا و29 مسلسلا عالميا صُورت في الأردن، عمل فيها صناع أفلام أردنيون إلى جنب فنانين وتقنيين عالميين.
وشاركت تلك الأفلام في مهرجانات أفلام عالمية مثل الأوسكار في الولايات المتحدة ومهرجان كان في فرنسا ومهرجان فينيسيا في إيطاليا وغيرها.
بات الأردن حاضرا في أهم المحافل السينمائية في العالم مما أدى إلى سمعة طيبة لصانع الفيلم الأردنيمهند البكري
أوليفوود
في 2023، افتتح جلالة الملك عبدالله الثاني، مجمع الاستوديوهات المتخصص الأول في المملكة لصناعة الأفلام (استوديوهات الأردن "أوليفوود")، بالتزامن مع الذكرى العشرين لتأسيس الهيئة.
تمتد الأستوديوهات على مساحة كلية تبلغ 47 دونما في منطقة المقابلين في عمّان، وتتضمن استوديوهين بمساحة 1500 متر مربع لكل منهما، ومشغلا مختصا للأعمال الحرفية الخاصة بديكورات الأفلام مثل النجارة والحدادة والدهان، ومكاتب إدارية، ومرافق ومكاتب مساندة.
وقال رئيس مجلس إدارة استوديوهات الأردن رجا غرغور إن إنشاء الاستوديوهات هو "إنجاز لأحد أهداف محور قطاع الصناعات الإبداعية في رؤية التحديث الاقتصادي، وهي أول استوديوهات أفلام في الأردن بمعايير عالمية.
سيتم تجهيز موقع بمساحة 67 دونما للتصوير الخارجي للأفلام في منطقة منجا التابعة لمحافظة مأدبارجا غرغور
تُعد الاستوديوهات القلب النابض لصناعة السينما والتلفزيون، وتعمل كمراكز إبداعية وتقنية تساعد صناع الأفلام على سرد قصصهم وتوفر هذه المساحات المخصصة لهذا الغرض أساسًا رئيسيا لنجاح الصناعة على عدة جبهات.
يقول البكري إن الأردن يمتلك حاليا بنية سينمائية تحتية صلبة من حيث الكوادر المحترفة في العمل السينمائي والشركات المختصة بالإنتاج والتقنيات والأستديوهات وآخرها "أوليفوود"، بالإضافة إلى الدعم الرسمي ووجود صناع أفلام موهوبين.
ويمكن استخدام مرافق أوليفوود لتصوير مشاريع سينمائية وتلفزيونية عالية الجودة وبمعايير عالمية وبالتالي تعد أوليفوود إضافة نوعية للبنية التحتية لصناعة الأفلام في الأردن، وفق الهيئة.
112 فيلما أجنبيا
تحدثت الهيئة الملكية للأفلام عن "تيسير إنتاج 112 فيلماً أجنبياً و29 مسلسلاً عالمياً تم تصويرها في الأردن".
وبشأن الأسباب التي تؤدي إلى تصوير أفلام عالمية في الأردن، يشير البكري إلى وجود مواقع تصوير مذهلة ومتنوعة يتميز بها الأردن بالإضافة الي وجود فرق صناعة أفلام محترفة وتعمل بالمعايير العالمية.
يُضاف إلى ما سبق "الأمن والأمان ودعم الدولة على كافة المستويات ووجود العديد من التسهيلات لتصوير الافلام في الأردن ووجود بنية تحتية قوية ومحفزة لهذه الأفلام العالمية للتصوير في الأردن والخدماتية منها تحديدا"، وفق البكري.
وتشير الهيئة إلى وجود أسباب عدة تجذب الأفلام الأجنبية للتصوير في الأردن، منها تنوع المواقع الخلابة والثقافات، وحوافز مالية ضريبية وجمركية، وبيئة سياسية واجتماعية آمنة، وطقس معتدل على مدار العام، مع تنوع فصول السنة الأربع، وشمس مشرقة على مدار أكثر من 310 أيام من أيام السنة.
ومن الأسباب الجاذبة أيضا، توفر المعدات والخدمات اللوجستية، وآلية سريعة وفعالة للحصول على تصاريح التصوير، وشبكة اتصالات متقدمة، وشبكة طرق متقدمة ومتطورة، ونظام صحي متقدم، ونظام بنكي دولي مع سعر صرف ثابت مقترن بالدولار.
أكثر من نصف مليار دولار
وترى الهيئة أن صناعة السينما تتمتع بنفوذ اقتصادي كبير يمتد إلى ما هو أبعد من الشاشة الفضية، ويمس تأثيرها المضاعف العديد من الصناعات الأخرى، مما يولد دفعة اقتصادية كبيرة نتيجة "التفاعل المباشر مع 36 قطاعاً اقتصادياً مختلفاً".
وحققت هذه الصناعة إنفاقا بقيمة 519 مليون دولار في قطاع الصناعات الإبداعية منذ 2007 وفرص توظيف لنحو 134 ألف شخص في قطاع الأفلام والقطاعات المساندة، عدا عن تدريب أكثر من 5695 متدرب من تخصصات سينمائية مختلفة بهدف إدماجهم في هذا القطاع.
وتوضح الهيئة أن صناعة السينما فرص عمل على نطاق واسع، وتوظف ممثلين ومخرجين وكتابا ومصورين سينمائيين ومصممي مشاهد وفنيي صوت وتقنيين وعددا كبيرا من موظفي الدعم.
ويؤدي تدفق العمالة هذا إلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي، مما يعود بالنفع على قطاعي التجزئة والضيافة. علاوة على ذلك، يتطلب إنتاج الأفلام مجموعة واسعة من السلع والخدمات، مثل تأجير المعدات، وتقديم الطعام، والنقل، والبناء، والفنادق والعقارات مما يحفز النمو في هذه وتحقق الصناعة إيرادات من خلال مبيعات التذاكر ومنصات البث والبضائع واتفاقيات الترخيص، مما يساهم في قطاعات الترفيه والإعلان والترويج.
تعمل صناعة السينما كمحفز للنشاط الاقتصادي وتتواصل مع مختلف القطاعات وتعزز نظامًا بيئيًا اقتصاديًا نابضًا بالحياة