فطر قاتل يتحول إلى أمل طبي.. «لعنة الفراعنة» قد تعالج سرطان الدم

{title}
همزة وصل   -
في مفاجأة علمية مدوية، كشف باحثون أمريكيون أن فطراً قاتلاً ارتبط لسنوات بأسطورة «لعنة الفراعنة» قد يحمل مفتاح علاج فعّال لسرطان الدم. 
الفطر المعروف باسم Aspergillus flavus، وُجد في المقابر القديمة، ويتسبب في أمراض تنفسية قاتلة لمن يقترب منه.
من الخطر إلى العلاج.. ماذا وجد العلماء؟
قال باحثون إن فطراً قاتلاً يعود تاريخه إلى المقابر القديمة قد يساعد على علاج سرطان الدم.
ينمو الفطر المعروف باسم Aspergillus flavus على الأنسجة النباتية الميتة في التربة، وينتشر إلى الحبوب والبقوليات والمكسرات.
وقد أُطلق عليه لقب «لعنة الفراعنة» بعد أن أُصيب عدد من الباحثين الذين درسوا مقابر الملوك القدماء خلال العقود الماضية بمشاكل تنفسية قاتلة بشكل مفاجئ.
الفطر الذي لطالما أرعب الباحثين بقدرته على قتل نصف من يتعاملون معه، أنتج جزيئات جديدة أطلق عليها العلماء اسم «Asperigimycins» وهي مركبات فريدة ذات تكوينات لم تُرصد من قبل.
وعند اختبارها على خلايا اللوكيميا البشرية، أظهرت اثنتان من هذه الجزيئات قدرة عالية على قتل الخلايا السرطانية.
وفي خطوة مذهلة، قام العلماء بإضافة جزيء دهني، يشبه الموجود في عسل الملكات، إلى أحد أشكال Asperigimycins، فكانت النتيجة مبهرة، حيث أصبحت المادة فعّالة بقدر أقوى من أدوية اللوكيميا المعتمدة طبياً مثل Cytarabine وDaunorubicin.
الجزيئات بوابة ذكية داخل الخلايا
يقتل هذا الفطر ما يصل إلى 50% من المصابين به، ويُعتقد أنه يأكل الناس من الداخل إلى الخارج، ويخشى الخبراء أن يؤدي تغير المناخ إلى انتشاره بشكل أوسع. لكن باحثين في بنسلفانيا وتكساس اكتشفوا تأثيرات معاكسة تماماً. 
ففي دراسة نُشرت مؤخراً، وجدوا أن فطر Aspergillus flavus ينتج جزيئات حلقية مترابطة أطلقوا عليها اسم asperigimycins. وعند اختبار هذه الجزيئات على خلايا سرطان الدم البشرية، أظهرت اثنتان من بين أربع جزيئات من asperigimycins تأثيراً قوياً في قتل الخلايا السرطانية.
ويعتقد الفريق أن asperigimycins قد تستهدف البنية المسؤولة عن انقسام الخلايا، وهي بمثابة البوابة التي عادةً ما تؤدي إلى تحوّل الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية.
وقد شبّه الباحثون الفائدة المفاجئة لهذا الفطر القاتل، باكتشافات تاريخية في علاج الأمراض، مثل اختراع البنسلين.
ليست لكل السرطانات.. حتى الآن
رغم النجاح ضد خلايا سرطان الدم، لم تُظهر الجزيئات تأثيراً في أنواع أخرى من السرطان مثل الثدي أو الكبد أو الرئة، مما يشير إلى تخصصها في مهاجمة خلايا معينة فقط. وحذّر الباحثون من أن النتائج ما زالت أولية، لكنها تمثل بداية لمنطقة غير مستكشفة ذات إمكانات هائلة. 
وستكون الخطوة التالية هي اختبار asperigimycins على الحيوانات، على أمل الانتقال لاحقاً إلى التجارب السريرية على البشر.
من لعنة إلى نعمة.. العودة للجذور الطبيعية
قالت د. شيري جاو، المؤلفة الرئيسية للدراسة: «مثلما منحتنا الطبيعة البنسلين، ما زالت تخفي في جعبتها كنوزاً دوائية تنتظر من يكتشفها». وأضافت أن النتائج تفتح باباً لأبحاث جديدة في مجال الأدوية الطبيعية المستخلصة من الكائنات الحية.
سيبدأ الفريق قريباً تجارب على الحيوانات، على أمل الانتقال إلى تجارب سريرية على البشر خلال السنوات القادمة. ونشرت الدراسة في مجلة Nature Chemical Biology، وتعد من أبرز الاكتشافات العلمية في مجال علاج السرطان هذا العام.
© جميع الحقوق محفوظة لهمزة وصل 2024
تصميم و تطوير