
سحبت السلطات السورية قواتها بالكامل من محافظة السويداء في جنوب سوريا، في وقت كلّف الرئيس الانتقالي أحمد الشرع فصائل درزية مسؤولية الأمن، مندداً بالتدخل الإسرائيلي، وسط نزوح جماعي للعشائر خشية الانتقام، في ظل غياب الكهرباء وانقطاع شبكات الاتصال.
ووفق اتفاق معلن بين الحكومة ومشايخ عقل الدروز، انسحبت قوات الجيش السوري وقوى الأمن الداخلي، أمس الخميس من جميع المناطق التي دخلتها خلال الأيام الماضية في محافظة السويداء جنوبي البلاد. وذكرت وكالة الصحافة الفرنسية أن القوات الحكومية تلقت أوامر بالانسحاب قبيل منتصف الليل وأنهت انسحابها فجراً من السويداء، في حين بدأت فصائل محلية درزية بالانتشار في المحافظة.
وتجاوزت حصيلة القتلى جراء أعمال العنف التي شهدتها المحافظة خلال الأيام الماضية 500 قتيل، وفق حصيلة جديدة أوردها المرصد السوري، بعيد انسحاب القوات الحكومية من المنطقة.
ونزحت مئات العائلات من عشائر البدو، صباح أمس، بعد محاصرة أحياء يقطنونها بمحافظة السويداء، خوفاً من عمليات انتقامية. وفي وقت لاحق، أفاد مصدر أمني بأن مقاتلين من عشائر البدو شنوا هجوماً جديداً على مسلحين في السويداء، رغم إعلان وقف النار. وقال قائد عسكري من البدو السوريين إن الهدنة تنطبق فقط على القوات الحكومية السورية وليس على البدو، وإن مقاتلي العشائر يسعون لتحرير بدو احتجزتهم جماعات مسلحة محلية في المحافظة في الأيام الأخيرة.
وفي كلمة متلفزة بثّها الإعلام الرسمي فجراً، أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع تكليف بعض الفصائل المحلية ومشايخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن في السويداء، في خطوة قال إن هدفها «تجنب انزلاق البلاد إلى حرب واسعة جديدة».
وأشاد الشرع بـ«التدخّل الفعّال للوساطة الأمريكية والعربية والتركية التي أنقذت المنطقة من مصير مجهول»، متهماً إسرائيل بأنها «تسعى مجدداً إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، تهدف من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدماً في مسيرة إعادة البناء والنهوض».
وأضاف «كنّا بين خيارين، الحرب المفتوحة مع إسرائيل على حساب أهلنا الدروز وأمنهم، وزعزعة استقرار سوريا والمنطقة بأسرها، وبين فسح المجال لوجهاء ومشايخ الدروز للعودة إلى رشدهم، وتغليب المصلحة الوطنية».
وجاءت كلمة الشرع بعيد غارات إسرائيلية عنيفة على مبنى الأركان العامة في دمشق دمّرت جزءاً منه، وأسفرت عن مقتل ثلاثة أشخاص وفق السلطات.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الخميس، أن «وقف إطلاق النار» في سوريا انتزع بالقوة، ليس من خلال المطالب أو الاسترحام، بل بالقوة، حسب تعبيره.
من جهته، دعا الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز في سوريا حكمت الهجري إلى وأد الفوضى في البلاد بالحكمة لا بالسلاح. وقال، في كلمة له «نؤمن بأخلاقيات العيش المشترك، ونبقى ملتزمين بروح التسامح رغم الاعتداءات المؤلمة التي طالت أبناء طائفتنا».
وأشار الهجري إلى أن «من يقوم بأعمال التخريب أو التحريض لا يمثل إلا نفسه، ونرفض أن ينســـب فعلـــه إلى أي طائفة أو منطقة»، إلا أنه اتهم الحكومة بالإخفاق في حماية المدنيين، قبل أن يؤكد الالتــزام بوحدة الصف ورفض الفتنة.