
شهدت سرقات العملات المشفرة ارتفاعاً كبيراً خلال النصف الأول من عام 2025، مدفوعة باختراق إلكتروني بارز وهجمات جسدية عنيفة استهدفت حاملي العملات الرقمية وأقاربهم وفقاً لتقرير حديث صدر عن شركة «تشين أناليسس» المتخصصة في تحليل بيانات البلوك تشين.
بحسب التقرير، فقد تم الاستيلاء على نحو 2.17 مليار دولار من خدمات العملات المشفرة منذ بداية 2025 وحتى الآن، متجاوزاً بذلك إجمالي السرقات خلال 2024 التي بلغت 1.87 مليار دولار. ومن المتوقع أن يصل الرقم إلى 4 مليارات دولار بحلول نهاية 2025. وفي المجمل، تجاوزت القيمة الإجمالية للعملات الرقمية المسروقة من المنصات والأفراد معاً 2.8 مليار دولار، لتقترب بذلك من مستوى 2024 البالغ 3.4 مليار دولار. ويُعزى الجزء الأكبر من هذه السرقات إلى هجوم إلكتروني وقع في فبراير على منصة «باي بت» لتداول العملات المشفرة، حيث سرق قراصنة يُعتقد أنهم مرتبطون بكوريا الشمالية ما قيمته 1.5 مليار دولار، في ما يعتبر أكبر عملية سرقة للعملات المشفرة في التاريخ. لكن لم تقتصر التهديدات على الهجمات الإلكترونية، بل شهدت الفترة الماضية أيضاً تصاعداً كبيراً في الاعتداءات الجسدية على مالكي المحافظ الرقمية الفردية.
وأفادت «تشين أناليسس» أن المحافظ الشخصية شكلت أكثر من 23% من إجمالي السرقات، مشيرة إلى أن الجناة باتوا يعتمدون بشكل متزايد على العنف الجسدي والإكراه للوصول إلى الأموال.
أبرز الحوادث التي وثقها التقرير
في يناير، اختطف ديفيد بالاند، أحد مؤسسي شركة «ليدجر» المصنعة لمحافظ العملات الرقمية، مع زوجته من منزلهما في وسط فرنسا. وأقدم المهاجمون على قطع أحد أصابعه وإرسال مقطع فيديو بالحادثة إلى شريكه المؤسس إيريك لارشفيك للمطالبة بفدية.
وفي مايو، خُطف والد أحد رواد الأعمال في مجال العملات الرقمية على يد 4 رجال ملثمين في وضح النهار، وطالب الجناة بفدية تبلغ عدة ملايين من اليوروهات، وقطعوا إصبعه قبل أن تتمكن الشرطة من تحريره لاحقاً.
وعلق إريك جاردين، رئيس أبحاث الجرائم الإلكترونية في «تشين أناليسس»، قائلاً إن تصاعد هذه الهجمات يعود إلى زيادة تبني العملات المشفرة وارتفاع قيمتها السوقية، مما يجعلها هدفاً أكثر جاذبية للمجرمين.
وأوضح جاردين: «كلما زاد عدد المستخدمين والخدمات في نظام العملات الرقمية، زادت فرص السرقة. وارتفاع الأسعار يعني أن قيمة الأصول المهددة أعلى بالدولار الأمريكي، حتى وإن كانت الكميات المسروقة لا تختلف كثيراً من حيث الحجم».
وأشار أيضاً إلى أن انتقال الجناة لاستهداف الأفراد قد يكون بسبب تحسن أنظمة الأمان في خدمات التداول، مما يجعل الهجمات على محافظ المستخدمين الفرديين أكثر إغراءً للمجرمين الباحثين عن طرق جديدة لتحقيق مكاسب سريعة. وأضاف: «إذا أصبحت المنصات أكثر أماناً، فقد ينتقل المهاجمون لاستهداف الأفراد، ويفضلون عدداً كبيراً من العمليات الصغيرة على حساب تنفيذ عملية قرصنة ضخمة واحدة».
طاهرة «المؤثرين»
ذكر التقرير أن ازدياد الثروة الناتجة عن الاستثمار في العملات الرقمية مثل «بيتكوين» أدى إلى بروز ظاهرة «المؤثرين في العملات الرقمية»، الذين يستعرضون مظاهر الثراء الفاحش على وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجعلهم أكثر عرضة للاستهداف.
لكن إريك جاردين شدد على ضرورة عدم لوم الضحايا، مؤكداً أن المظهر الخارجي الباذخ قد يجذب المجرمين، إلا أن ذلك لا يُبرر بأي حال من الأحوال الاعتداء عليهم.
وفي ضوء هذه التطورات، تزداد الدعوات إلى تعزيز الأمن السيبراني من جهة، ونشر الوعي لدى المستخدمين الأفراد حول مخاطر مشاركة تفاصيل ثرواتهم الرقمية علناً من جهة أخرى، خاصة مع تزايد التهديدات التي لم تعد تقتصر على الفضاء الرقمي فقط.
«إيثريوم» ترتفع إلى أعلى مستوى لها في 180 يوماً
سجلت عملة «إيثريوم» ارتفاعاً ملحوظاً، حيث وصلت إلى 3,671 دولاراً، وهو أعلى مستوى لها، خلال 180 يوماً، محققةً قفزة بنسبة 152% منذ أدنى مستوياتها في مارس/آذار البالغة 1,392 دولاراً. وشهد شهر يوليو/تموز أداءً لافتاً، إذ ارتفعت العملة المشفرة بنسبة 37%، خلال شهر واحد، مدفوعة بموجة اهتمام مؤسسي غير مسبوقة.
وشهدت صناديق الاستثمار المتداولة تدفقات يومية قياسية بلغت 720 مليون دولار في يوم واحد، في إشارة واضحة إلى الطلب القوي والتاريخي على «إيثريوم». وتقترب «إيثريوم» حالياً من منطقة مقاومة حرجة بين 4 آلاف و4,200 دولار.
وقادت شركات كبرى مثل «بلاك روك» و«فيديليتي» و«غرايسكيل» موجة التراكم المؤسسي، متجاوزة حتى تدفقات صناديق «بيتكوين» الاستثمارية، مما يشير إلى تحول في تفضيل المستثمرين نحو «إيثريوم».