وأكد الموقع، في تقرير وصفه بالحصري، أنه اطلع على وثيقة، صادرة عن رئيس الرقابة العسكرية التابعة للجيش تفصّل هذه الموضوعات، كما نشر رابطًا للوثيقة.
ومع أنه لا يوجد تاريخ محدد للوثيقة، التي كُتبت باللغة الإنكليزية، فإن عنوانها: عملية "السيوف الحديدية.. توجيهات رئيس الرقابة الإسرائيلية إلى وسائل الإعلام”، وتحمل توقيع رئيس الرقابة في الجيش الإسرائيلي العميد الجنرال كوبي ماندلبليت.
و”السيوف الحديدية” هو الاسم الذي أطلقته إسرائيل على حربها في غزة.
حسب الوثيقة، يجب عرض الأخبار التي تتعلق بالمواضيع الحساسة على الرقابة العسكرية قبل السماح بنشرها
وحسب الوثيقة، يجب عرض الأخبار التي تتعلق بالمواضيع التالية على الرقابة العسكرية قبل السماح بنشرها، وعلى رأسها الأسرى، كالتفاصيل الشخصية أو أي منشورات تتعلق باحتجازهم أو وضعهم الصحي أو الموقف الإسرائيلي في المفاوضات المتعلقة بإطلاق سراحهم أو أي تفاصيل تتعلق بالمفاوضات.
كما تحظر الوثيقة نشر أخبار التفاصيل المتعلقة بالعمليات العسكرية، ومواقع القوات ومناطق تجمعها، تحركات القوات وخطط العمليات، وما قد يعرّض القوات للخطر، ويشمل ذلك مواقع وقدرات أنظمة الدفاع الجوي مثل القبة الحديدية، ومنع نشر أي صور أو مقاطع فيديو يمكن من خلالها معرفة أي معلومات بشأن القوات.
كما يحظر القرار نشر المعلومات الاستخبارية بشأن نيات العدو أو قدراته، والتفاصيل المتعلقة بأنظمة التسليح التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك الأسلحة التي يستولي عليها العدو، حتى في حالة النقل عن العدو.
ويمنع القرار كذلك، الحديث عن هجمات الصواريخ، حيث يحظر نشر أي أخبار عن هجمات الصواريخ التي تصيب أهدافًا لبنية تحتية ذات أهمية استراتيجية، مثل محطات الطاقة وتلك الخاصة بالمياه والغاز ومراكز النقل والقواعد العسكرية والمصانع وغيرها من الأماكن الأخرى الحساسة.
يحظر القرار نشر أخبار عن الهجمات الإلكترونية التي تستهدف أجهزة الأمن والمؤسسات الوطنية
كذلك يحظر القرار نشر أخبار عن الهجمات الإلكترونية التي تستهدف أجهزة الأمن والمؤسسات الوطنية، وكذلك نشر أي أخبار عن الهجمات الإلكترونية التي تنفذها إسرائيل ضد العدو.
ويمنع أيضا الحديث عن زيارات كبار المسؤولين إلى مناطق القتال خلال وقت وجودهم، ويشمل ذلك رئيس الوزراء أو "وزير الدفاع” أو رئيس الأركان أو الوزراء أو أعضاء البرلمان وغيرهم من كبار المسؤولين.
ووفق الوثيقة ذاتها، من المحظور نشر الأخبار المتعلقة بمجلس الحرب سواء التفاصيل أو المعلومات التي تجري مناقشتها خلال اجتماعات المجلس.
ونقل موقع "إنترسبت”، عن رئيس تحرير سابق لمجلة إسرائيلية، قوله إنه "لم ير قط تعليمات كهذه مرسلة من الرقابة العسكرية”.
والرقيب العسكري الإسرائيلي هو وحدة تقع ضمن مديرية المخابرات العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي، ويتولى قيادة الوحدة رئيس الرقابة، وهو ضابط عسكري يعينه وزير الحرب.
ومنذ أن بدأت الحرب على غزة، خضعت أكثر من 6500 مادة جديدة للرقابة الكاملة أو الجزئية من قبل الحكومة الإسرائيلية، حسبما قال جاي لوري زميل باحث في معهد الديمقراطية الإسرائيلي للموقع.
منذ أن بدأت الحرب على غزة، خضعت أكثر من 6500 مادة جديدة للرقابة الكاملة أو الجزئية من قبل الحكومة الإسرائيلية
وأضاف: "الناس يمارسون الرقابة الذاتية، ولا يحاول الناس حتى الإبلاغ عن القصص التي يعرفون أنها لن تصل”.
ولوضع هذا الرقم في سياقه، قال لوري إن هذا الرقم يزيد بنحو أربعة أضعاف عما كان عليه قبل بدء الحرب.
وتابع: "هذا يظهر مدى ضآلة ما يراه الإسرائيليون العاديون في الصحافة حول ما يحدث في غزة للفلسطينيين”.
فيما يقول الخبراء إن هذا النوع من الرقابة غير الرسمية هو الذي يمنح الرقابة في إسرائيل قوتها.
وتابع لوري: "إذا نظرت إلى القانون الذي يحكم الرقابة، فستجد أنه شديد القسوة فيما يتعلق بالسلطات الرسمية التي تتمتع بها الرقابة”.
يحدث كل ذلك تقريبًا سرًا، حيث تكون مناقشات اللجنة سرية، كما هو الحال مع معظم المراسلات بين وسائل الإعلام والرقابة.
وعندما سُئل عن السبب وراء كون العمليات سرية للغاية، ولماذا حتى المؤسسات الإخبارية لا تتحدث علنًا، كان لدى أحد الصحفيين الغربيين المقيمين في إسرائيل، الذي طلب عدم الكشف عن هويته لتجنب الأعمال الانتقامية، تقييمًا صريحًا: "لأن الأمر محرج”.
وبحسبه فإن كون مذكرة التوجيهات الخاصة بالحرب الإسرائيلية الحالية على غزة كانت باللغة الإنكليزية، يشير إلى أنها كانت مخصصة لوسائل الإعلام الغربية.
مذكرة التوجيهات الخاصة بالحرب الإسرائيلية الحالية على غزة كانت باللغة الإنكليزية، ما يشير إلى أنها كانت مخصصة لوسائل الإعلام الغربية
ويجب على الصحافيين الأجانب العاملين في إسرائيل الحصول على تصريح من الحكومة، بما في ذلك إعلان بأنهم سيلتزمون بالرقابة.
وحسب أحد الصحافيين، فإنه من أجل الحصول على تأشيرة كصحفي في إسرائيل، عليك الحصول على موافقة من المكتب الصحفي الحكومي، "وبالتالي يتعين عليك التوقيع على وثيقة تنص على أنك ستلتزم بالرقابة”.
ومع ذلك، فإن العديد من الصحافيين يوقعون على الوثيقة، في حين أن وكالة "أسوشيتد برس”، على سبيل المثال، لم ترد على استفسار "إنترسبت” حول ما إذا كانت تتعاون مع الرقابة العسكرية، ونشرت وكالات الأنباء في الماضي تقارير عن هذه القضية، بما في ذلك الاعتراف بأنها تلتزم بالتوجيه.
وكتبت الوكالة في مقال نشرته عام 2006: "وافقت وكالة أسوشيتد برس، مثل المنظمات الأخرى، على الالتزام بقواعد الرقابة، وهو شرط للحصول على إذن للعمل كمؤسسة إعلامية في إسرائيل”.
وعندما سُئل عما إذا كانت قد امتثلت لتوجيهات الرقابة العسكرية الإسرائيلية وما إذا كان امتثالها قد تغير منذ بداية الحرب، قال أزهر الفضل ميراندا، مدير الاتصالات في صحيفة "واشنطن بوست”، في رسالة بالبريد الإلكتروني: "نحن نناقش قراراتنا التحريرية علنًا”.
وقالت الصحيفة: "تغطي صحيفة نيويورك تايمز بشكل مستقل النطاق الكامل لهذا الصراع المعقد. نحن لا نقدم التغطية للرقابة العسكرية الإسرائيلية”، فيما لم تجب "رويترز” عن أسئلة "إنترسبت”.
وقال لوري: "إنهم (المراسلون الأجانب) يعلمون أنهم بحاجة إلى تمرير تقارير الرقابة التي يريدون نشرها حول مواضيع معينة.. هناك مواضيع تعرف وسائل الإعلام أنها تحتاج إلى موافقة الرقابة”.
ومع ذلك، فإن أحد الأشياء التي تجعل أمر الرقابة المكتوب باللغة الإنجليزية غير عادي هو الإشارة الصريحة في الأمر إلى الحرب على "حماس”.
وعلق لوري مضيفا: "لم أر ذلك من قبل في حرب معينة”.