
في عالم الفواكه، يختبئ خلف القشرة البرتقالية لون لا يتوقعه كثيرون، إنه البرتقال الأحمر أو الدموي، فاكهة تُدهش الناظرين بلبها القرمزي الغني ونكهتها التي تمزج بين الحلاوة الخفيفة ولمسة من التوت هذه الثمرة ليست نتاج تعديل وراثي كما قد يظن البعض؛ بل نتيجة تفاعل طبيعي بين البرودة والمركبات النباتية، والذي يمنحها لونها الفريد وطعمها المميز.
سر اللون الأحمر
يكتسب البرتقال الدموي لونه الأحمر اللافت بفضل مادة طبيعية تُعرف بالأنثوسيانين، وهي صبغة نباتية مضادة للأكسدة تتكوّن عندما تنخفض درجات الحرارة ليلاً خلال مرحلة نضوج الثمار، وتُعد هذه الصبغة هي نفسها التي تُكسب العنب الأسود والتوت ألوانها الداكنة المميزة، ولهذا يُعتبر البرتقال الدموي ثمرة شتوية؛ إذ تمنحه برودة الشتاء، خصوصاً في مناطق مثل صقلية الإيطالية، لونه العميق ومذاقه الغني، بينما لا يظهر بنفس الدرجة في الفصول الدافئة، وتتواجد الأنثوسيانينات في العديد من النباتات والأطعمة التي تتدرج ألوانها بين الأحمر والأرجواني والأزرق وحتى الأسود، ما يجعلها مصدراً طبيعياً للجمال والغذاء في آنٍ واحد.
يتميّز البرتقال الدموي بنكهات فريدة تجمع بين الحلاوة الطبيعية للحمضيات ولمسة حامضة أقرب إلى طعم التوت البري، ما يمنحه مذاقاً غنياً ومعقداً لا يخلو من مرارة خفيفة تضيف إليه توازناً محبباً، لذلك يُفضّله الطهاة ومحبو النكهات المميزة في العصائر والحلويات وحتى تزيين الأطباق.
وعلى الرغم من وجود عشرات الأنواع من البرتقال الدموي حول العالم، فإن أبرزها ثلاثة تتصدّر شهرة المزارع والمطابخ:
• مورّو: أكثرها قتامة في اللون، يمتاز بلُبٍّ عميق يميل إلى الأرجواني، ونكهة قوية تشبه مزيج التوت والكرز.
• تاروكّو: الأشهر في إيطاليا، يُعرف بتوازنه المثالي بين الحلاوة والحموضة، ولونه البرتقالي المائل إلى الحمرة.
• سانغوينيللو: إسباني الأصل، بطعم حلو معتدل ولون وردي مائل إلى الأحمر، ويُستخدم كثيراً في العصائر والسلطات.
لون براق وفائدة عميقة
لا يقتصر تفرّد هذا البرتقال على لونه الأحمر القرمزي؛ بل يمتد إلى قيمته الغذائية العالية، فهو من أغنى أنواع الحمضيات بفيتامين C، والألياف، والبوتاسيوم، ومضادات الأكسدة وتُظهر الأبحاث أن الانتظام في تناوله يسهم في خفض الكوليسترول الضار (LDL)، ورفع الكوليسترول الجيد (HDL)، ما يعزز صحة القلب والأوعية الدموية.
درع طبيعي للمناعة والبشرة
لأنه يحتوي على نسبة عالية من فيتامين C، فإن البرتقال الدموي يُسهم في تنشيط جهاز المناعة وتعزيز قدرة خلايا الدم البيضاء على مقاومة العدوى. كما تعمل مضادات الأكسدة الموجودة فيه على حماية البشرة من الإجهاد التأكسدي والتقليل من الالتهابات، إلى جانب دعم تجدد الخلايا والمساعدة على تأخير ظهور علامات الشيخوخة المبكرة.
من المطبخ إلى فنون التقديم
يُستخدم البرتقال الأحمر في مطابخ العالم ليس كفاكهة فحسب؛ بل بصفته عنصراً جمالياً يُضفي على الأطباق لمسة من الأناقة، تُزين شرائحه الحلوى والسلطات، وتُستخدم قشرته المبشورة لإضفاء نكهة عطرية على الكعك والمخبوزات، كما أن عصيره المائل إلى الأرجواني أصبح من المكونات الفاخرة في العصائر الطبيعية والكوكتيلات والمربيات المنزلية.