
استخدام العطر أو لوشن جسم معطّر قد يكون ضاراً بالصحة، وفقاً لدراسة جديدة.
فقد أظهرت المكونات الموجودة في العطور، ولأول مرة، أنها تتداخل مع سحابة غير مرئية واقية تحيط بجلد الإنسان، ويُعتقد أنها تقوم بتنقية وتصفية الهواء الذي نتنفسه، بحسب صحيفة تليغراف.
ويعتقد العلماء أن الروائح نفسها ليست ضارة بصحة الإنسان، لكنها قد تقلل من الفوائد التي توفرها هذه السحابة الواقية من خلال التدخل فيها.
أظهرت دراسات حديثة أن استخدام العطور أو مستحضرات الجسم المعطرة قد يؤثر سلباً في قدرة الجلد على تنظيف الهواء الذي نتنفسه.
الجلد محاط بسحابة كيميائية غير مرئية تُعرف بـ«حقل الأكسدة»، تتكون من جزيئات نشطة تسمى جذور الهيدروكسيل (OH).
تعمل هذه الجذور كمنظفات طبيعية للهواء، إذ تتفاعل مع الملوثات والسموم لتحييدها وتنقيتها.
تفاعل الأوزون مع الجلد يتأثر بالعطور
اكتشف باحثون في جامعة كاليفورنيا في إيرفين ومعهد ماكس بلانك سحابة الجلد في عام 2022، والتي تُعرف تقنياً باسم «حقل الأكسدة».
وقد وجدوا أن الأوزون في الهواء يتفاعل مع الزيوت الطبيعية على سطح جلدنا، مثل السكوالين، وهو مركب كيميائي يحافظ على ليونة الجلد، ويُنتج جزيئات قصيرة العمر تُسمى جذور الهيدروكسيل (OH) من خلال عملية تُعرف بالأوزونوليز، التي تُشكل فقاعة واقية حول الجسم.
سحابة واقية تحيط بالجسم تتعطل
كتب المؤلفون: «لقد حددت هذه الدراسة أن حقل الأكسدة البشري الذي يتكون لدى الأشخاص المعرضين للأوزون داخل الأماكن المغلقة يتعرض لتشويش كبير عند استخدام منتجات العناية الشخصية».
وأضافوا: «نظراً لأن حقل الأكسدة البشري يؤثر في التركيب الكيميائي للهواء في منطقة التنفس وقرب الجلد، فإنه يؤثر في كمية المواد الكيميائية التي نستنشقها، والتي بدورها تؤثر في صحة الإنسان».
وأظهرت التجارب أن الإيثانول، الذي يشكل معظم مكونات العطور، يقلل من هالك التنظيف عن طريق تحويل جذور الهيدروكسيل (OH) إلى منتجات أخرى بسرعة، وبالتالي يؤدي إلى تلاشي السحابة الواقية.
أظهرت بيانات أن العطر المستخدم في الدراسة، هو عطر CK One للجنسين، قلّل السحابة الواقية بنسبة 86%، بينما قلل اللوشن، وهو «نيوتريل سينسيتيف سكين» من شركة يونيليفر، السحابة بنسبة 34%.
جذور الهيدروكسيل تنظف الهواء المحيط
جذور الهيدروكسيل هي جزيئات عالية التفاعل تقوم بتحييد الجزيئات السامة، ما أكسبها لقب منظفات الغلاف الجوي بسبب خصائصها في التنظيف.
فهي تستهدف الملوثات في الهواء وتساعد أيضاً في تنظيف الأسطح.
وقد درست كشفت دراسة على أربعة متطوعين، نُشرت في مجلة «ساينس أدفانسز»، ما يحدث للسحابة الكيميائية عندما لا يستخدم الأشخاص أي منتجات على جلدهم، وبعد وضع العطر، أو اللوشن، أو بعد وضع قطرات من الزيوت العطرية على الجلد.
قال البروفيسور جوناثان ويليامز، من معهد ماكس بلانك للكيمياء في ماينز، ألمانيا، والمشارك في تأليف الدراسة، لصحيفة التليغراف:«في كلتا الحالتين، كانت النتيجة هي فعلياً إلغاء حقل جذور الهيدروكسيل (OH) عند استخدام العطور».
وأضاف: «قد تكون هناك طرق أخرى، وربما هناك وسائل أخرى يمكن من خلالها التأثير فيه، لكنني أعتقد أننا أظهرنا أن العطر يمكنه التقليل من حقل الأكسدة الذي ينظف الجلد».
ولا يزال من غير المعروف ما إذا كان تقليل سحابة الجسم الكيميائية يشكل تأثيراً صحياً إيجابياً أو سلبياً عند النظر في جميع المواد الكيميائية والبيئات المختلفة.
العطور تعيق تنظيف الجسم للهواء الملوث
قال البروفيسور ويليامز:«ما اكتشفناه هنا هو ظاهرة وجود حقل أكسدة يمكن التلاعب به بطرق مختلفة على الأقل هاتان الطريقتان وهما وضع عطر أو لوشن على الجسم مباشرة».
وأضاف: «لا يمكنني تقديم رسالة واضحة للجمهور بشأن ما إذا كنت أوصي، من ناحية صحية، بوضع العطر أو اللوشن أو تجنبهما، لأن المعلومات المتوفرة غير كافية لاتخاذ توصية».
ومع ذلك، وجد العلماء أن ليس كل المواد الكيميائية ذات الرائحة الطيبة لها تأثير كبير.
فمثلاً، الينالول، وهو زيت عطري برائحة الحمضيات يشكل نحو ثلث زيت اللافندر، يقلل سحابة جذور الهيدروكسيل (OH) بنحو 10% فقط.
لا تزال الآثار الصحية غير معروفة وستكون موضوعاً لأبحاث مستقبلية، لكن دراسات سابقة أظهرت أن وجود كمية وفيرة من المواد الكيميائية التي تشكل السحابة الواقية يرتبط بتحسين وظائف الجهاز التنفسي، وتقليل الالتهابات، وخفض التوتر البيولوجي، وصحة أفضل للأوعية الدموية، وتحسن في ضغط الدم.
على الرغم من أن الروائح نفسها ليست ضارة، فإن تقليل هذه السحابة الواقية قد يؤثر في كمية الملوثات التي نتنفسها، وبالتالي قد يؤثر في الصحة بطرق غير واضحة حتى الآن.
هل يجب التوقف عن استخدام العطور؟
حتى الآن، لا توجد توصيات صحية واضحة للتوقف عن استخدام العطور أو مستحضرات الجسم، لأن الأبحاث لم تحدد بعد التأثيرات الصحية الدقيقة لهذا التداخل.
ويحتاج الأمر إلى مزيد من الدراسات لفهم التأثير الكامل في بيئات مختلفة وفي أشخاص متنوعين.